فتقر له بالجهل في العلم .. والتقصير في العمل .. والعيب في النفس .. والتفريط في حق الله .. والظلم في معاملته.
فهذا العارف حقاً:
إن عمل حسنة رآها منة من الله عليه، فإنْ قَبِلها فمنَّة ثانية، فإن ضاعفها فمنَّة ثالثة، وإن ردها فلكون مثلها لا يصلح أن يواجه به.
وإن عمل سيئة رآها من تخلِّي ربه عنه، وإمساك عصمته عنه.
إنْ أَخَذه بذنوبه رأى عدله، وإن لم يؤاخذه بها رأى فضله، وإن غفرها له فبمحض إحسانه وكرمه.
وجميع ما في السماوات والأرض عبيد لله.
وكل إنسان يجب أن يقر أنه عبداً لله كوناً وشرعاً:
فأنت عبده كوناً؛ لأنه الخالق لك، والمالك لك، المدبر لأمرك، وأنت عبده إن شاء أعطاك، وإن شاء منعك، وإن شاء أغناك، وإن شاء أفقرك، وإن شاء هداك، وإن شاء أضلك.
يفعل بك ما يشاء حسب ما تقتضيه حكمته ورحمته.
وأنت عبده شرعاً ً، يجب أن تعبده بما شرع، تفعل الأوامر، وتجتنب النواهي، وتؤمن بالله؛ لتسعد في الدنيا والآخرة.
وجميع الخلق فقراء إلى الله، وفقرهم قسمان:
١ - فقر اضطراري، وهو فقر جميع المخلوقات إلى ربها في وجودها وحركتها وما يلزمها.
٢ - وفقر اختياري، وهو ثمرة معرفتين: معرفة العبد ربه، ومعرفة العبد نفسه. فمن عرف ربه بالغنى المطلق، عرف نفسه بالفقر المطلق، ولزم باب العبودية إلى أن يلقى ربه:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}[فاطر/١٥].