للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث: (إذا أراد أحدكم أن يذهب الخلاء وقامت الصلاة فليبدأ بالخلاء)]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب أيصلي الرجل وهو حاقن؟ حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الأرقم رضي الله عنه: أنه خرج حاجاً أو معتمراً ومعه الناس وهو يؤمهم، فلما كان ذات يوم أقام الصلاة صلاة الصبح، ثم قال: ليتقدم أحدكم وذهب الخلاء، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا أراد أحدكم أن يذهب الخلاء وقامت الصلاة فليبدأ بالخلاء).

قال أبو داود: روى وهيب بن خالد وشعيب بن إسحاق وأبو ضمرة هذا الحديث عن هشام بن عروة عن أبيه عن رجل حدثه عن عبد الله بن أرقم، والأكثر الذين رووه عن هشام قالوا كما قال زهير].

يعني: أن هذا الحديث بعضهم زاد فيه رجلاً، وبعضهم رواه عن عبد الله بن الأرقم، فيحتمل أنه روي عنه بواسطة وبدون واسطة.

قال في تخريجه: قال المنذري: أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة.

والحديث فيه دليل على تقديم الخلاء على الصلاة، والخلاء: أصله الفضاء والصحراء، والمراد: قضاء الحاجة، فإذا كان الإنسان يريد أن يقضي حاجته من بول أو غائط بأن كان حاقناً أو حاقلاً فيقدم ذلك على الصلاة، والحاقن هو: الذي يدافع البول، والحاقل هو: الذي يدافع الغائط، فإذا حضرت الصلاة وهو يدافعه الأخبثان فإن عليه أن يقدم قضاء الحاجة على الصلاة؛ زاد في حديث مسلم: (لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان).

والمؤلف رحمه الله ما جزم بالحكم، وإنما قال: باب: أيصلي الرجل وهو حاقن؟ والمسألة فيها اختلاف بين أهل العلم: هل تصح صلاة من صلى وهو حاقن أو لا تصح؟ فالجمهور على أنها تصح مع الكراهة.

وذهب الظاهرية إلى أنها لا تصح، وقالوا: إن النهي والنفي بقول: لا صلاة، ولا يصل الرجل، هو للتحريم، والجمهور يرون أن النهي للتنزيه.

وقال بعضهم: إذا ضاق الوقت فله أن يصلي على حاله، وقال آخرون: لا يصلي حتى ولو ضاق الوقت، بل عليه أن يقضي حاجته، وكذلك إذا كان بحضرة الطعام ونفسه تتوق إليه فيأكل ثم يصلي ويتطهر ولو بعد خروج الوقت.

وذهب الظاهرية إلى أنها لا تصح صلاة الحاقن والحاقل، وقالوا: إنه لا صلاة بحضرة الطعام، وهذا نفي لوجود الصحة، فقوله: (لا صلاة) نفي للصحة، يعني: لا تصح الصلاة ولا وجود للصلاة الشرعية.

والجمهور على أن النفي نفي للكمال.

وأما المريض الذي يحتاج إلى قضاء الحاجة باستمرار فإذا كان يتشوش فالحكم واحد ينتظر؛ لأن الحكمة من النهي هي أن يتفرغ للصلاة، ولا تجوز صلاته وقلبه مشوش، لكن إذا كانت المدافعة يسيرة فأرجو ألا يكون عليه حرج في المدافعة، أما إذا كانت المدافعة شديدة فلا ينبغي، بل ينبغي أن يستفرغ ثم يصلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>