للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأشياء التي يتيمم بها المتيمم]

اختلف العلماء بسبب اختلافهم في معنى الصعيد، ما الذي يتيمم عليه؟ فذهب بعض العلماء إلى أنه لا يتمم إلا على التراب الذي له غبار.

وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه يجزئ التيمم إذا تيمم بما صعد على وجه الأرض.

والصواب: أنه يتيمم بالتراب، فإذا وجد التراب الذي له غبار فإنه يجب عليه أن يتيمم به؛ لقوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة:٦]، كلمة: (منه) يتيمم بالتراب الذي له غبار، مثل تراب الحرث والزرع، فإن لم يجد تيمم على ما تصعد على وجه الأرض، فإذا كانت الأرض ما فيها إلا رمل يتيمم على الرمل، أولم يجد إلا على أرض صخرية تيمم عليها؛ لقوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء:٤٣]، لكن إذا وجد تراباً له غبار فإنه يتيمم على التراب الذي له غبار، فإن لم يجد تيمم على ما صعد على وجه الأرض.

قال الشارح: قلت: التحقيق في هذه المسألة: أن التراب هو المتعين لمن وجد التراب ولا يجوز بغيره؛ لأن الصعيد هو التراب فقط عند بعض أئمة اللغة، فالتيمم عليه جائزاً اتفاقاً، فكيف يترك المتيقن بالمحتمل؟ ومن لم يجد التراب فيتيمم على الرمال والأحجار ويصلي؛ لأنه مدلول الصعيد لغة عند بعض أئمة اللغة، ومن لم يجد الرمال والأحجار فيتيمم على كل ما ذكر آنفاً في تفسير الصعيد، ولا يصلي بغير التيمم، ومن لم يجد هذه كلها فيصلي بغير طهارة، والله أعلم.

وهذا كلام جيد، وهو أنه يتيمم على التراب الذي له غبار إذا وجده، فإن لم يجد إلا أرضاً رملية تيمم، فإذا وجد الأرض صخرية تيمم عليها؛ لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:١٦]، فإن لم يجد تراباً ولا ماءً صلى على حسب حاله كما حصل من الصحابة الذين صلوا بغير ماء ولا تراب قبل أن يشرع التيمم، فأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله: (ولو إلى عشر سنين)، المراد: التكثير لا التحديد، والمعنى: أنه يتيمم حتى يجد الماء، وإن بلغت مدة عدم الماء عشر سنين، وليس معنى ذلك: أن التيمم يكفي لعشر سنين، بل المراد أنه يتيمم ويستمر حتى يجد الماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>