للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث: (اتقوا الملاعن الثلاثة)]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا إسحاق بن سويد الرملي وعمر بن الخطاب أبو حفص وحديثه أتم أن سعيد بن الحكم حدثهم قال: أخبرنا نافع بن يزيد قال: حدثني حيوة بن شريح أن أبا سعيد الحميري حدثه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الملاعن الثلاثة: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل)].

وهذا فيه تحريم قضاء الحاجة في هذه المواضع الثلاثة.

وقوله: (اتقوا الملاعن الثلاثة) أي: التي تجلب اللعن.

وقوله: (البراز في الموارد) يعني: طريق الناس إلى الماء، و (البراز) بفتح الباء يعني: قضاء الحاجة، أما (البراز) بكسر الباء الموحدة فتعني: المبارزة في الحرب.

وقوله: (وقارعة الطريق) يعني: طريق الناس، سميت قارعة الطريق؛ لأنها تقرعها الأقدام، والمعنى: الطريق التي تقرعها الأقدام، وهذا من إضافة الصفة إلى الموصوف، يعني: الطريق التي تقرعها الأقدام.

وقوله: (وفي ظل الناس) الظل الذي يستظل به الناس، مثل ظل الشجرة، وظل الجدار، ومثله المشمس في الشتاء، وهو المكان الذي يجلس فيه الناس في الشمس في الشتاء، لما فيه من إفساده عليهم وتنجيسه.

والملاعن الثلاثة يعني: التي يلعن الناس عادة من فعلها، والمراد: اتقوا ما يجلب اللعن.

وكل هذه الأماكن لا يجوز للإنسان أن يقضي حاجته فيها؛ لما في ذلك من إفسادها على الناس وتنجيسها وإيذاء الناس.

والحديث أخرجه ابن ماجة والحاكم والبيهقي من طريق أبي سعيد الحميري عن معاذ به.

وقال الحاكم: صحيح، ووافقه الذهبي، وأورده المنذري في الترغيب والترهيب.

وأبو سعيد الحميري لم يدرك معاذاً قال عنه ابن حجر في التقريب: مجهول من الثالثة، وروايته عن معاذ مرسلة.

يقول أبو داود: وهذا الحديث مرسل.

أي: منقطع، وهذا استعمال مشهور في كلام المتقدمين ويرد كثيراً في كلام أبي داود.

والمشهور أن المرسل هو ما سقط منه الصحابي.

ولكن المعنى الذي دل عليه الحديث صحيح، ويستدل له بقوله في الحديث السابق (الذي يتخلى في طريق الناس وظلهم) فذكر الطريق والظل، والموارد كذلك هي في معناها.

هو الظل الذي ينتفع به الناس، أما الظل الذي لا ينتفع به الناس كأن يكون في البرية فلا يدخله التحريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>