للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحائض تعمل بالعادة وهو مقدم على التمييز]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يوسف بن موسى قال: أخبرنا جرير عن سهيل - يعني ابن أبي صالح - عن الزهري عن عروة بن الزبير قال: حدثتني فاطمة بنت أبي حبيش أنها أمرت أسماء أو أسماء حدثتني أنها أمرتها فاطمة بنت أبي حبيش أن تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد ثم تغتسل].

هذا الحديث لا بأس بسنده فهو حسن كما قال المنذري، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد ثم تغتسل، واستدل به بعضهم على أن الاعتبار للعادة لا للتمييز واستدلوا بحديث فاطمة بنت أبي حبيش، وحديث عائشة السابق في قصة أم حبيبة، كل منهما فيه دليل على أنها تعمل بالعادة، فالعادة مقدمة على التمييز، ولهذا قال: أمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد، قبل أن يأتيها الدم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال أبو داود: ورواه قتادة عن عروة بن الزبير عن زينب بنت أم سلمة أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتصلي].

والحديث فيه قتادة وهو مدلس وقد عنعن.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال أبو داود: لم يسمع قتادة من عروة شيئاً].

وبتدليس قتادة يكون الحديث منقطعاً، ولكن يشهد له ما سبق من أحاديث، وهو أنها تعمل بالعادة، فتجلس أيام عادتها ثم تغتسل وتصلي.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وزاد ابن عيينة في حديث الزهري عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن أم حبيبة رضي الله عنها كانت تستحاض فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها.

قال أبو داود: وهذا وهم من ابن عيينة ليس هذا في حديث الحفاظ عن الزهري إلا ما ذكر سهيل بن أبي صالح].

ذكر هنا أن ابن عيينة زاد في حديث الزهري عن عمرة عن عائشة، وأن هذا وهم من ابن عيينة فليس في حديث الحفاظ عن الزهري إذاً ابن عيينة فقد وهم في قوله: عن عمرة عن عائشة، وإنما هو عن سهيل بن أبي صالح كما في الحديث الأول.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقد روى الحميدي هذا الحديث عن ابن عيينة لم يذكر فيه: تدع الصلاة أيام أقرائها.

وروت قمير بنت عمرو زوج مسروق عن عائشة رضي الله عنها].

قمير بفتح القاف، امرأة مسروق وهنا سكت عنها وفيها جهالة وقد قال العجلي: بأنها تابعية ثقة وهو متساهل في هذا رحمه الله.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وروت قمير بنت عمرو زوج مسروق عن عائشة رضي الله عنها: (المستحاضة تترك الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل).

وقال عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تترك الصلاة قدر أقرائها.

وروى أبو بشر جعفر بن أبي وحشية عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أم حبيبة بنت جحش استحيضت فذكر مثله.

وروى شريك عن أبي اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتصلي).

وروى العلاء بن المسيب عن الحكم عن أبي جعفر قال: إن سودة استحيضت فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم إذا مضت أيامها اغتسلت وصلت.

وروى سعيد بن جبير عن علي وابن عباس رضي الله عنهم: (المستحاضة تجلس أيام قرئها).

وكذلك رواه عمار مولى بني هاشم وطلق بن حبيب عن ابن عباس رضي الله عنهما، وكذلك رواه معقل الخثعمي عن علي رضي الله عنه، وكذلك روى الشعبي عن قمير امرأة مسروق عن عائشة رضي الله عنها.

قال أبو داود: وهو قول الحسن وسعيد بن المسيب وعطاء ومكحول وإبراهيم وسالم والقاسم: أن المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها].

وكل هذه الآثار والمراسيل التي ذكرها المؤلف تدل على ما دلت عليه الأحاديث من أن: المستحاضة تجلس أيام عادتها، وتعمل بعادتها ثم تغتسل وتتلجم وتصلي.

فالمؤلف رحمه الله أتى بهذه الآثار والمراسيل كلها لتؤيد ما دلت عليه الأحاديث وتقويها.

وذكر أيضاً رحمه الله: أن هذا القول وهو: أنها تجلس أيام عادتها ثم تغتسل، قول الحسن وسعيد بن المسيب وعطاء ومكحول وإبراهيم وسالم والقاسم.

فكل هؤلاء العلماء ذهبوا إلى ما دلت عليه الأحاديث من أن: المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها.

يعني: أيام حيضها، ثم تغتسل وتتلجم وتصلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>