للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث: (نهى رسول الله أن تغتسل المرأة بفضل الرجل)]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب النهي عن ذلك.

حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير عن داود بن عبد الله ح وحدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن داود بن عبد الله عن حميد الحميري قال: لقيت رجلاً صحب النبي صلى الله عليه وسلم أربع سنين كما صحبه أبو هريرة رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل المرأة بفضل الرجل أو يغتسل الرجل بفضل المرأة) زاد مسدد: (وليغترفاً جميعاً)].

أخرجه النسائي وأورده ابن حجر في الفتح، وقال: رجاله ثقات، ولم أقف لمن أعله على حجة قوية، ودعوى البيهقي: أنه في معنى المرسل مردودة؛ لأن إبهام الصحابي لا يضر، وقد صرح التابعي بأنه لقيه، ثم قال: وتحمل أحاديث النهي على ما تساقط من الأعضاء، والجواز على ما بقي من الماء، وبذلك جمع الخطابي، أو يحمل النهي على التنزيه جمعاً بين الأدلة.

والحديث فيه النهي عن الوضوء بفضل المرأة، لكنه محمول على التنزيه؛ بدليل الأحاديث السابقة، ومنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل هو وبعض أزواجه من إناء واحد يغترفان جميعاً)؛ ولما سيأتي: (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ بفضل طهور ميمونة).

فأحاديث النهي تحمل على التنزيه، والذي صرفها عن التحريم إلى التنزيه الأحاديث التي فيها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ بفضل طهور ميمونة)، وحديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل هو وبعض أزواجه يغترفان جميعاً) هذا هو الصواب.

وذهب الجمهور إلى أن النهي منسوخ بأحاديث الجواز، لكن الصواب أنه لا يصار إلى النسخ إلا إذا تعذر الجمع، فإذا أمكن الجمع فإنه مقدم؛ لأن فيه عملاً بالأحاديث من الجانبين.

أما إذا لم يمكن الجمع فإنه يصار إلى النسخ إذا عرف التاريخ، وهنا أمكن الجمع، فيحمل النهي على التنزيه، فإن وجد غير فضل طهور المرأة فإن الأولى والأفضل أن يتوضأ بغيره، وإن لم يجد غيره زالت الكراهية، والكراهة كراهة تنزيه، ولو توضأ بفضل طهور المرأة مع وجود غيره فلا حرج.

والرسول صلى الله عليه وسلم فعله، وفعله يقتضي صرف النهي من التحريم إلى التنزيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>