للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث: (شكي إلى النبي الرجل يجد الشيء في الصلاة)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: إذا شك في الحدث.

حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن أحمد بن أبي بن خلف قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب وعباد بن تميم عن عمه رضي الله عنه قال: (شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يجد الشيء في الصلاة حتى يخيل إليه، فقال: لا ينفتل حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً).

حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا حماد قال أخبرنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان أحدكم في الصلاة فوجد حركة في دبره أحدث أو لم يحدث فأشكل عليه فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)].

هذا الباب عقده المؤلف رحمه الله فيمن شك في الحدث ماذا يعمل، وذكر الحديث الأول -وقد رواه الشيخان- أنه شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن الرجل يجد في بطنه شيئاً، وهذا كناية عن الحدث، فقال: [(لا ينفتل حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)] أي: لا يخرج من الصلاة حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً، أي: حتى يسمع صوت الحدث، وهو الضراط، أو يجد ريحاً، وهو شم الفساء، والمراد أن يتيقن الحدث، ومثل الأول إذا وجد رطوبة في دبره.

وهذا الحديث حديث عظيم، وهو أصل من أصول الإسلام، وقاعدة من قواعد الفقه، وهذه القاعدة هي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصلها حتى يتيقن خلاف ذلك، وأن الشك لا عبرة به، فمن شك في الحدث فإنه لا يخرج من صلاته بالشك؛ لأن الطهارة متيقنة والحدث مشكوك، فيبقى على الطهارة حتى يتيقن الحدث، ولهذا قال: [(حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)] أي: حتى يعلم الحدث، وكذلك أيضاً إن تيقن الحدث وشك في الطهارة، فإنه يبقى على الأصل، فيكون محدثاً حتى يتيقن أنه توضأ، وبهذا القول تقطع الوساوس التي ترد على الإنسان، فكثير من الناس يخيل إليه أنه أحدث، ويخيل إليه أنه خرج من ذكره شيء وهو قد تيقن الطهارة، فلا يخرج بهذا الشك حتى يتيقن يقيناً أنه أحدث، وقد عبر عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)، أي: أن يسمع صوت الحدث، أو يجد ريح الحدث.

<<  <  ج: ص:  >  >>