للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مدة النفاس]

قال الإمام أبي داود رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في وقت النفساء: حدثنا أحمد بن يونس أخبرنا زهير أخبرنا علي بن عبد الأعلى عن أبي سهل عن مسة عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كانت النفساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تقعد بعد نفاسها أربعين يوماً أو أربعين ليلة، وكنا نطلي على وجوهنا الورس، تعني من الكلف].

فهذا الحديث يدل على مدة النفاس، وفي سنده مسة وهي أم بسة، قال فيها في التقريب: مقبولة الأزدية الثالثة، قال الحافظ في البلوغ: الحديث رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الحاكم، وقال الخطابي حديث مسة أثنى عليه البخاري، وقال النووي في المجموع: إنه حديث حسن، ثم قال بعد ذلك: الحديث جيد، وقال ابن القيم رحمه الله: روى عنها، أي مسة: أبو سهل كثير بن زيد والحكم بن عتيبة ومحمد بن عبد الله العرزمي وزيد بن علي بن الحسين.

وقال الحاكم عن هذا الحديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، فالحديث حسن، وهو دليل على أن النفساء تجلس أربعين يوماً، فإن استمر الدم بعدها فهو دم فساد، فتغتسل بعد الأربعين وتصلي وتصوم، إلا إذا وافق عادتها قبل النفاس فإنها تجلس عادتها.

والنفاس: جمع نفس، بفتح الفاء المعجمة، ودم النفاس دم حيض، احتبس في وقت الحمل، لكن لو انقطع الدم لعشرة أيام أو خمسة أيام أو أقل أو أكثر فإنها حينها تغتسل وتصلي، وقد ذكر الفقهاء شيئاً نادراً فقالوا: لو ولدت بدون دم فما الحكم؟ فالمقصود أن دم النفاس نهايته أربعين يوماً كما دل عليه هذا الحديث وهو حديث حسن، ولو انقطع قبل ذلك فإنها تغتسل وتصوم وتصلي، فإن عاد الدم في الأربعين، فإنها تجلس عادتها.

قال بعض العلماء: أكثر مدة النفاس خمسين يوماً، وقال بعضهم: ستين يوماً، والصواب ما دل عليه الحديث أن أكثر مدة النفاس أربعين يوماً.

وقولها: (كنا نطلي على وجوهنا الورس) الورس: نبت أصفر يكون في اليمن، وورس الثوب، أو التوريس يعني: صبغه، (بالكلف) يعني: من أجل الكلف، وهو لون يعلو الوجه من السواد إلى الحمرة، أو تكون حمرة وكدرة تعلو الوجه.

والحديث أخرجه الترمذي وابن ماجة.

فإن قيل: ما حكم دم المرأة النفاس بعد الأربعين يوما؟ دم النفاس إن وافق عادتها بعد الأربعين اليوم فهو حيض، وإلا فهو دم استحاضة فتتلجم وتتحفظ وتصوم وتصلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>