للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث: (إنما يغسل من بول الأنثى وينضح من بول الذكر)]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد بن مسرهد والربيع بن نافع أبو توبة قالا: حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن قابوس عن لبابة بنت الحارث قالت: (كان الحسين بن علي رضي الله عنه في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبال عليه، فقلت: البس ثوباً وأعطني إزارك حتى أغسله، قال: إنما يغسل من بول الأنثى وينضح من بول الذكر)].

هذا الحديث صحيح أخرجه ابن ماجة وأحمد وابن خزيمة والحاكم والبيهقي من وجوه كثيرة، والحديث صريح في الفرق بين بول الغلام والجارية، أي: الأنثى، ففيه أن بول الغلام إذا لم يأكل الطعام يكفي فيه الرش، وأما الجارية -وهي الأنثى- فلا يكفي في بولها النضح، بل لابد من الغسل، وهذا إذا لم يأكل الصبي الطعام، أما إذا أكل الطعام فالحكم واحد، فإذا أكل الطعام واستغنى به فإنه يغسل من بوله ولا يكفي فيه النضح.

فإذا كان الصبي والصبية لا يأكلان الطعام وإنما يستغنيان بالحليب فقط، ففي هذه الحالة يفرق بين بول الغلام وبين بول الجارية، والحديث صريح في هذا، وهذا هو قول الجماهير، وهو الصواب.

وقال بعض العلماء: يغسل بول الغلام والجارية، وإلى هذا ذهب الإمام أبو حنيفة والنخعي وسفيان الثوري.

والصواب أنه يفرق بين بول الغلام وبول الجارية كما دل عليه الحديث.

وقد اختلف العلماء في حكمة الفرق بين بول الأنثى وبول الذكر، فقال بعض العلماء؛ لأن حواء خلقت من ضلع آدم، والذكر خلق من طين، وقال بعض العلماء: الحكمة في ذلك أن بول الأنثى يجتمع في مكان واحد، وبول الذكر ينتشر، وقال آخرون: لأن الذكر يكثر حمله من أبويه وأقاربه لمحبته والأنثى يقل حملها، والله أعلم بالحكمة، والأقرب أن الحكمة قد تكون هذه الأمور كلها مجتمعة، ويحتمل أن تكون الحكمة غير ذلك، والله تعالى حكيم عليم، وقد شرع أن يفرق بين بول الغلام وبول الأنثى، فإن عرفنا الحكمة فبها ونعمت، وإن لم نعرف الحكمة فنحن عبيد لله مأمورون بالامتثال لأوامر الله وأوامر رسوله، واجتناب ما نهى الله عنه وما نهى عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، مع قطعنا بأن الشرع حكيم، وأنه لا يجمع بين مختلفين، ولا يفرق بين متماثلين.

<<  <  ج: ص:  >  >>