للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث أبي سعيد في استحباب الوضوء لمعاودة الوطء]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا عمرو بن عون، حدثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أتى أحدكم أهله ثم بدا له أن يعاود فليتوضأ بينهما وضوءاً)].

هذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه والترمذي والنسائي وابن ماجة، وفيه استحباب الوضوء قبل معاودة الوطء، وقيل: إن الوضوء واجب، وذهب إلى هذا الظاهرية وجماعة، وذهب الجمهور على أنه مستحب وحملوا الأمر على الاستحباب، وقال الجمهور: إن الذي صرف الأمر من الوجوب إلى الاستحباب قوله كما في رواية أحمد بن حنبل وابن حبان والحاكم (فإنه أنشط للعود) فهذا يدل على الاستحباب، وأما الظاهرية وابن حنبل ومالك فقد ذهبوا إلى أنه للوجوب؛ لأن الأصل في الأوامر أنها للوجوب.

وبعض أهل العلم حمله على الوضوء اللغوي وهو غسل الفرج فقط، لكن ابن خزيمة رحمه الله رد هذا؛ لما رواه من طريق ابن عيينة عن عاصم في هذا الحديث فقال: (فليتوضأ وضوءه للصلاة).

والأصل أن الشارع تحمل ألفاظه على الاصطلاحات الشرعية والحقائق الشرعية، لكن هل هو للوجوب أو للاستحباب؟ قول الظاهرية قول قوي في الوجوب والجمهور حمله على الاستحباب لقوله في الرواية الأخرى: (فإنه أنشط للعود)، إذاً: يكون الوضوء بين الجماعين مستحب متأكد أو واجب، أما الغسل فإنه مستحب وليس بواجب كما في حديث أنس.

وحديث أبي رافع يحمل على استحباب الغسل، وحديث أنس السابق يدل على أنه لا يجب الغسل.

وحديث أبي سعيد هذا يدل على تأكد الوضوء بين الجماعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>