للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المرأة تستحاض ومن قال: تدع الصلاة في عدة الأيام التي كانت تحيض]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في المرأة تستحاض ومن قال: تدع الصلاة في عدة الأيام التي كانت تحيض: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتت لها أم سلمة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر فإذا خلفت ذلك فلتغتسل، ثم لتستثفر بثوب ثم لتصل فيه)].

وهذا الحديث سنده جيد لولا ما يخشى من أن سليمان بن يسار لم يسمع من أم سلمة رضي الله عنها لأن الأحاديث التي تلت هذا الحديث فيها أن سليمان بن يسار جعل بينه وبين أم سلمة واسطة.

وابن المنذر يقول: إسناده حسن.

ومعلوم أن سليمان بن يسار مولى ميمونة المدني وهو معدود من الفقهاء السبعة، وقد روى عن زيد بن ثابت وعائشة وأبي هريرة ومولاته ميمونة وأرسل للجماعة، روى عنه قتادة والزهري وعمرو بن شعيب، قال أبو زرعة، ثقة مأمون.

[أما أم سلمة فقد كانت ثقة عالمة رفيعة فقهية.

فلا إشكال في توثيقه لكن الكلام في سماعه من أم سلمة ومع ذلك فالحديث له شواهد، ولهذا حسنه المنذري فقال: إسناده حسن وفيه دليل على أن المستحاضة تجلس عدد الأيام التي كانت تحيضها قبل مرور الدم، فإذا انقضت هذه الأيام اغتسلت ثم استترت بثوبين، أو تتحفظ فقد وجدت الآن حفائظ، وتتوضأ لكل صلاة وتصلي.

وفيه دليل على أن العادة مقدمة على التمييز، فالمستحاضة تعمل بعادتها أولاً، فإن لم يكن لها عادة ونسيت العادة عملت بالتمييز، فإن لم يكن لها تمييز، جلست في أول كل شهر هلالي ستة أيام أو سبعة أيام على حسب عادة النساء كما دلت على ذلك الأحاديث، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم [لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها، فلتترك الصلاة قدر ذلك]، وهذا دليل على أنها تعمل بالعادة، وأن العادة مقدمة، فإذا كانت يصيبها الدم من أول كل شهر سبعة أيام ثم استمر الدم عليها وأطبق فإنها تجلس السبعة الأيام التي كانت تجلسها قبل استمرار الدم.

وإذا كانت تجلسها من منتصف الشهر تجلسها من منتصف الشهر وهكذا، أما إذا لم يكن لها عادة ونسيت العادة تعمل بالتمييز كما سيأتي، فدم الحيض معروف أسود منتن غليظ، فالأيام التي يكون فيها غليظ منتن لا تصلي، والأيام التي يكون فيها أحمر رقيق تصلي.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد ويزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب قالا: حدثنا الليث عن نافع عن سليمان بن يسار: أن رجلاً أخبره عن أم سلمة رضي الله عنها، أن امرأة كانت تهراق الدم فذكر معناه قال: فإذا خلفت ذلك وحضرت الصلاة فلتغتسل، بمعناه].

وهذا الحديث أخرجه النسائي، وابن ماجة، وفي هذه الرواية مجهول مبهم وذلك في قوله أن رجلاً أخبر عن أم سلمة، فـ سليمان بن يسار راوي الحديث السابق جعل بينه وبين أم سلمة رجل.

فتكون هذه الرواية ضعيفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>