للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث: (كان النبي إذا دخل الخلاء وضع خاتمه)]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب الخاتم يكون فيه ذكر الله تعالى يدخل به الخلاء.

حدثنا نصر بن علي عن أبي علي الحنفي عن همام عن ابن جريج عن الزهري عن أنس رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه).

قال أبو داود: هذا حديث منكر، وإنما يعرف عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن الزهري عن أنس رضي الله عنه قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من ورق ثم ألقاه) والوهم فيه من همام، ولم يروه إلا همام].

وهمام ثقة، ولكنه خالف الثقات.

وأبو داود يرى أن ابن جريج دلس عن الزهري، وأنه أسقط زياد بن سعد.

وقال آخرون: إنه جاء ما يتابعه ويؤيده، وأبو داود يقول: إن هذا إنما هو في إلقاء الخاتم.

وجاء في حديث آخر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من ذهب؛ فاتخذ الناس خواتم من ذهب، ثم نزعه وألقاه) كان في أول الأمر التختم بالذهب مباحاً، ثم جاء النهي، فاتخذ النبي خاتماً من ورق، يعني: من فضة، ثم ألقاه.

قال الشارح: وقال السخاوي في فتح المغيث: وكذا قال النسائي: إنه غير محفوظ.

انتهى.

وهمام ثقة احتج به أهل الصحيح، ولكنه خالف الناس، ولم يوافق أبو داود على الحكم عليه بالنكارة؛ فقد قال موسى بن هارون: لا أدفع أن يكونا حديثين.

ومال إليه ابن حبان فصححهما معاً، ويشهد له أن ابن سعد أخرج بهذا السند: (أن أنساً نقش بخاتمه: محمداً رسول الله، قال: فكان إذا أراد الخلاء وضعه) لا سيما وهمام لم ينفرد به، بل تابعه عليه يحيى بن المتوكل عن ابن جريج.

وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ولكنه متعقب؛ فإنهما لم يخرجا لكل منهما على انفراده.

وقول الترمذي: إنه حسن صحيح غريب فيه نظر.

وبالجملة فقد قال شيخنا: إنه لا علة له عندي إلا تدليس ابن جريج؛ فإن وجد عنه التصريح بالسماع فلا مانع من الحكم بصحته في نقدي.

انتهى.

ولم يذكر أنه صرح بالسماع، وعلى كل حال لا شك أنه ينبغي للإنسان ألا يدخل الخلاء بشيء فيه ذكر الله، سواء كان خاتماً أو غيره ما أمكن، فإذا كان الخاتم فيه ذكر الله فإنه يخلع، إلا إذا كان يخشى عليه من الضياع، وكذلك إذا كان معه أوراق فيها ذكر الله لا يدخل بها، إلا إذا خاف عليها أن تضيع أو ينساها أو تؤخذ فيكون معذوراً في هذه الحالة، فلا بأس، وإلا فالأولى عدم دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله.

وهذا الحديث قال عنه الدارقطني في كتاب العلل: رواه سعيد بن عامر وهدبة بن خالد عن همام عن ابن جريج عن الزهري عن أنس به، وخالفهم عمرو بن عاصم فرواه عن همام عن ابن جريج عن الزهري عن أنس: (أنه كان إذا دخل الخلاء نزع خاتمه) موقوفاً ولم يتابع عليه، ورواه يحيى بن المتوكل بن الضرير عن ابن جريج عن الزهري عن أنس نحو قول سعيد بن عامر ومن تابعه عن همام.

ورواه عبد الله بن حارث المخزومي وأبو عاصم وهشام بن سليمان وموسى بن طارق عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن الزهري عن أنس: (أنه رأى في يد النبي صلى الله عليه وسلم خاتماً من ذهب، فاضطرب الناس الخواتيم، فرمى به النبي صلى الله عليه وسلم وقال: لا ألبسه أبداً) وهذا هو المحفوظ والصحيح عن ابن جريج.

انتهى.

وهو خاتم من الذهب، فنزعه وقال: (لا ألبسه أبداً) وهذا بعد أن جاءه الوحي، وكان في أول الأمر مباحاً، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قد اتخذ خواتم من ذهب فاتخذ الناس خواتماً من ذهب، ثم نزعه النبي فنزع الناس خواتيمهم، فاتخذ النبي صلى الله عليه وسلم الخاتم لما جاءه الوحي من ورق، أي: من فضة.

<<  <  ج: ص:  >  >>