للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث: (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة)]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن سمي عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر)].

هذا الحديث صحيح أخرجه الشيخان البخاري ومسلم رحمهما الله، وأخرجه الترمذي والنسائي من حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة بنحوه، وفي الحديث: تفاوت الناس في الأجر على حسب تقدمهم إلى الجمعة، وفيه أن ساعات الجمعة خمس ساعات، وأن الإمام يخرج في الساعة السادسة، والمراد بالساعة جزء من الزمن قد يزيد على الساعة المعروفة وقد ينقص، فهي في الصيف أطول وفي الشتاء أقل، وهي خمس ساعات من طلوع الفجر أو من طلوع الشمس إلى خروج الإمام، وفي الشتاء قد تكون تلك الساعة أقل من ساعة، وفي الصيف قد تكون ساعة وربعاً أو ساعة ونصفاً؛ لأن النهار طويل في الصيف وقصير في الشتاء.

وفيه (أن من راح إلى الجمعة في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة) أي: بعيراً، (ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة) يعني: تقرب بها إلى الله وتصدق بها، (ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن) أي: ذا قرنين؛ لأنه أفضل من غيره، (ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة)، ثم يخرج الإمام في الساعة السادسة، (فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر) أي: يستمعون الخطبة.

وجاء في الحديث الآخر أن الملائكة يقفون على الأبواب يكتبون الأول فالأول، فإذا خرج الإمام طووا صحفهم ليستمعوا الخطبة والذكر.

وقد مر معنا في رواية النسائي زيادة عصفور بعد الدجاجة، حيث قال: (فكأنما قرب عصفوراً)، وفي بعضها زاد بطة فقال: (فكأنما قرب بطة).

وهذا الساعات هي جزء من الزمن تكون بعد طلوع الشمس أو بعد الفجر، خلافاً للإمام مالك رحمه الله، فإنه قال: إن هذه الساعات لحظات تكون بعد الزوال، قال: لأن الرواح إنما يكون بعد الزوال، فقال: إنها خمس لحظات تبدأ من زوال الشمس.

وهذا قول ضعيف لا وجه له، والرواح يطلق على النهار كله لا سيما أول النهار.

<<  <  ج: ص:  >  >>