للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكلام على بعض روايات الحديث]

قال المؤلف رحمه الله: [قال أبو داود: ولم يذكر هذا الكلام أحد من أصحاب الزهري غير الأوزاعي، ورواه عن الزهري عمرو بن الحارث والليث ويونس وابن أبي ذئب ومعمر وإبراهيم بن سعد وسليمان بن كثير وابن إسحاق وسفيان بن عيينة ولم يذكروا هذا الكلام].

يعني: أنه ذكر تسعة عن الزهري بخلاف رواية الأوزاعي، فـ الأوزاعي خالف تسعة من تلاميذ الزهري، وهم: عمرو بن الحارث والليث ويونس وابن أبي ذئب ومعمر وإبراهيم بن سعد وسليمان بن كثير وابن إسحاق وسفيان بن عيينة، فكلهم خالفوا الأوزاعي ولم يذكروا هذ الكلام، أي: جملة: (إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي الدم وصلي) ولم يذكرها إلا الأوزاعي من تلاميذ الزهري.

قال المؤلف رحمه الله: [قال أبو داود: وإنما هذا لفظ حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها].

يعني: وليس من لفظ حديث الزهري عن عروة، وإنما هذا لفظ حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، والمؤلف يريد بهذا ترجيح رواية الأكثرين.

وبيان أن الأوزاعي خالف تلاميذ الزهري على طريقة المتقدمين في تقديم رواية الأكثر على رواية الأقل.

وأما المتأخرون فإنهم يقولون: إن الزيادة من الثقة مقبولة، كالحافظ ابن حجر والعراقي والخطيب البغدادي، وهو أول من تكلم في هذا، فيقبلون رواية الثقة إذا كانت روايته غير منافية لرواية الأكثر، فإنها مقبولة، ولهذا يقول العراقي: واحكم بقول ثقة في الأظهر.

وقال الحافظ ابن حجر في النخبة: وزيادة راويهما -أي: الصحيح والحسن- زيادة مقبولة ما لم تقع منافية لمن هو أوثق، وأما المتقدمون كـ النسائي وأبي داود وجماعة فإنهم يقدمون رواية الأكثر، فلهذا المؤلف رحمه الله قدم رواية الأكثر وقال: إن هذه الرواية انفرد بها الأوزاعي عن الزهري، وخالف فيها تسعة من أصحاب الزهري.

قال المؤلف رحمه الله: [قال أبو داود: وزاد ابن عيينة فيه أيضاً: (أمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها)، وهو وهم من ابن عيينة].

يعني: زاد سفيان بن عيينة أيضاً في هذا الحديث: (أمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها)، يعني: أيام حيضها.

وفيه دليل لمن قال: إن الأقراء هي الحيض، ولكن قال المؤلف: إن هذه الزيادة: (أمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها)، وهم من ابن عيينة؛ لأنه انفرد بها.

قال المؤلف رحمه الله: [وحديث محمد بن عمرو عن الزهري فيه شيء، ويقرب من الذي زاد الأوزاعي في حديثه].

يعني: حديث محمد بن عمرو عن الزهري فيه وهم، وهو الحديث الذي سيأتي، ويقرب من زيادة الأوزاعي في حديثه، فكما أن الأوزاعي زاد: (فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي)، ووهم فيها فكذلك أيضاً حديث محمد بن عمرو عن الزهري فيه شيء من الوهم.

وعلى هذا تكون زيادة ابن عيينة وزيادة الأوزاعي وحديث محمد بن عمرو وهم، وكل منهم تفرد بما لم يذكره أحد سواه، فتكون ضعيفة، وهذا على طريقة المتقدمين، فوهم الأوزاعي في زيادته، ووهم ابن عيينة، ووهم محمد بن عمرو.

<<  <  ج: ص:  >  >>