للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم الرجل يجد البلة في منامه]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب: في الرجل يجد البلة في منامه.

حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا حماد بن خالد الخياط حدثنا عبد الله العمري عن عبيد الله عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها قالت: (سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد البلل، ولا يذكر احتلاماً؟ قال: يغتسل، وعن الرجل يرى أن قد احتلم ولا يجد البلل؟ قال: لا غسل عليه، فقالت أم سليم رضي الله عنها: المرأة ترى ذلك أعليها غسل؟ قال: نعم، إنما النساء شقائق الرجال)].

هذا الحديث أخرجه الترمذي وابن ماجة، وفي سنده عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العمري ضعفه يحيى بن سعيد من قبل حفظه، قال في التقريب: ضعيف عابد من السابعة، روى عن أخيه عبيد الله بالتصغير، وهو أحفظ من أخيه عبد الله المكبر.

والحديث فيه: أن النائم إذا وجد بللاً بعد اليقظة من النوم ولم يذكر احتلاماً فإنه يغتسل، أما إذا رأى أنه يجامع في الليل ولكنه لم ير احتلاماً فإنه لا يغتسل.

والحديث وإن كان فيه عبد الله بن عمر العمري إلا أنه يؤيده الحديث الآخر: (إنما الماء من الماء)، ويؤيده حديث أم سليم في الصحيحين أنها قالت: (يا رسول الله! إن الله لا يستحيي من الحق)، وهو الحديث الذي أتى به المؤلف رحمه الله بعد هذا، وفيه: قالت: (المرأة ترى ما يرى الرجل أعليها غسل؟ قال: نعم، إذا رأت الماء)، فإذا رأى الرجل في ثوبه بلة، وتحقق أنه احتلام، فإنه يجب عليه أن يغتسل، وكذلك المرأة إذا رأت الماء، فإنها تغتسل، أما إذا لم ير بللاً، فإنه لا يجب عليه الغسل، ولو رأى في النوم أنه يجامع، وكذلك المرأة إذا رأت أنها تجامع ولم تر بللاً، فلا يجب عليها الاغتسال، فالحكم معلق بوجود الماء.

قال في ترجمة الراوي: عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العمري روى عن أخيه عبيد الله، وزيد بن أسلم وعنه ابنه عبد الرحمن وابن وهب ووكيع، قال يعقوب بن شيبة: ثقة صدوق في حديثه اضطراب، وضعفه النسائي، وقال ابن عدي: لا بأس به.

توفي سنة إحدى وسبعين ومائة.

وقوله: (إنما النساء شقائق الرجال) يعني: إن المرأة مثل الرجل في هذا، والأصل: أن النساء مثل الرجال في الأحكام إلا ما دل الدليل على الخصوصية.

وشقيق الرجل: هو أخوه لأبيه وأمه، والإخوة من الأب والأم يقال لهم: أشقاء، ويقال لهم: إخوة أعيان، وأما إذا كان أبو الإخوة واحداً وأمهاتهم شتى فيقال عنهم: إخوة علات كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنا معاشر الأنبياء إخوة لعلات، ديننا واحد وأمهاتنا شتى)، وإذا كانت الأم واحدة والآباء متعددون يقال عنهم: إخوة أخياف.

وفي هذا الحديث من الفوائد: إثبات القياس، وإلحاق حكم النظير بالنظير؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قاس الرجال على النساء.

وفيه الرد على من أنكر القياس، كالظاهرية ومنهم ابن حزم وجماعة أنكروا القياس.

<<  <  ج: ص:  >  >>