للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرح حديث أنس في أمر رسول الله رجلاً ترك في رجله لمعة بإحسان الوضوء

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: تفريق الوضوء.

حدثنا هارون بن معروف حدثنا ابن وهب عن جرير بن حازم أنه سمع قتادة بن دعامة حدثنا أنس رضي الله عنه: (أن رجلاً جاء إلى رسول صلى الله عليه وسلم وقد توضأ وترك على قدمه مثل موضع الظفر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ارجع فأحسن وضوءك).

قال أبو داود: هذا الحديث ليس بمعروف عن جرير بن حازم، ولم يروه إلا ابن وهب وحده، وقد روي عن معقل بن عبيد الله الجزري عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه عن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، قال: (ارجع فأحسن وضوءك)].

حديث أنس هذا أخرجه ابن ماجة، وقال فيه أبو داود: تفرد به ابن وهب، واعتبر هذا التفرد ضعفاً، لكن حديث عمر الذي بعده رواه مسلم.

وقد اختلف العلماء في معنى قوله: (أحسن وضوءك) وذلك: أن هذا الرجل ترك لمعة لم يصبها الماء، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ارجع فأحسن وضوءك)، فقال بعضهم: الحديث دليل على عدم وجوب الموالاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: ارجع فأعد الوضوء.

بل قال: (ارجع فأحسن وضوءك)، ومراده: اغسل موضع اللمعة فقط.

فدل على أن الموالاة بين أعضاء الوضوء ليست واجبة، وإلى هذا ذهب أبو حنيفة وجماعة.

وقال آخرون: بل هو دليل على وجوب الموالاة؛ لأنه لم يقل: اذهب فاغسل الموضع الذي تركته، وإنما قال: [(ارجع فأحسن وضوءك)] فدل على أن المراد هو إعادة الوضوء، وهذا هو الأقرب، ويدل على ذلك الحديث الذي بعده، وهو صريح في الأمر بإعادة الوضوء.

والحديث دليل على وجوب الموالاة بين أعضاء الوضوء، فلا يفرق بين الأعضاء، كأن يتوضأ فيغسل وجهه ويديه ثم يتركهما حتى يجفا، ثم يكمل وضوءه، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الرجل بأن يحسن الوضوء، وفي الحديث الآخر أنه أمره أن يعيد الوضوء.

وللعلماء في وجوب الموالاة أقوال: فمنهم من قال: إن الموالاة تجب.

ومنهم من قال: لا تجب، ومنهم من قال: تجب إذا لم يجف العضو الذي قبله، والبخاري رحمه الله بوب لذلك فقال: [باب التفريق في الوضوء والغسل] وذكر أثر ابن عمر أنه غسل يديه بعد أن جفت قدماه، وظاهره أنه لا يرى وجوب الموالاة، والصواب وجوب الموالاة بين أعضاء الوضوء.

<<  <  ج: ص:  >  >>