للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما جاء عن الصحابة والسلف في ترك الصلاة أيام الحيض]

قال المؤلف رحمه الله: [قال أبو داود: وروى أنس بن سيرين عن ابن عباس رضي الله عنهما في المستحاضة قال: (إذا رأت الدم البحراني فلا تصلي، وإذا رأت الطهر ولو ساعة فلتغتسل وتصلي)].

والدم البحراني يعني: الدم الكثيف الغليظ الواسع يخرج من قعر الرحم، نسبة إلى البحر لكثرته وسعته، والبحر هو: التوسع والانبساط في الشيء، ومنه: قول النبي صلى الله عليه وسلم لما ركب فرساً عالياً وكان يقال: إنه يتأخر في المشي، فأسرع: (إن وجدناه لبحراً)، يعني: واسع الجري، فقال هنا: إذا رأت الدم الكثير الغليظ فلا تصلي، وإذا رأت الطهر ولو ساعة فلتغتسل وتصلي.

قال المؤلف رحمه الله: [وقال مكحول: إن النساء لا تخفى عليهن الحيضة، إن دمها أسود غليظ، فإذا ذهب ذلك وصارت صفرة رقيقة فإنها مستحاضة، فلتغتسل ولتصلي].

أي أن النساء لا تخفى عليهن الحيضة، بل يعرفنه بالتمييز، فدم الحيض دم أسود غليظ، منتن كريه الرائحة، فإذا ذهب هذا الدم الغليظ المنتن وجاء الدم الأصفر الرقيق فإنها تغتسل وتصلي.

قال المؤلف رحمه الله: [قال أبو داود: وروى حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن القعقاع بن حكيم عن سعيد بن المسيب في المستحاضة: (إذا أقبلت الحيضة تركت الصلاة، وإذا أدبرت اغتسلت وصلت)].

وإقبالها يكون بالعادة إن كان لها عادة، فإن لم يكن لها عادة بالتمييز، فإذا أدبرت اغتسلت وصلت.

قال المؤلف رحمه الله: [وروى سمي وغيره عن سعيد بن المسيب (تجلس أيام أقرائها)].

يعني: أيام حيضها.

قال المؤلف رحمه الله: [وكذلك رواه حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد].

يعني: كما سبق، أنها تجلس في أيام عادتها.

قال المؤلف رحمه الله: [قال أبو داود: وروى يونس عن الحسن: (الحائض إذا مد بها الدم تمسك بعد حيضتها يوماً أو يومين فهي مستحاضة)].

يعني: إذا استمر بها الدم بعد انقضاء مدته المعلومة، فإنها تمسك عن الصلاة يوماً أو يومين، ثم بعد ذلك هي مستحاضة.

قال المؤلف رحمه الله: [وقال التيمي عن قتادة: إذا زاد على أيام حيضها خمسة أيام فلتصل، قال التيمي: فجعلت أنقص حتى بلغت يومين].

يعني: أنقص الأيام التي زادت على أيام حيضها.

قال المؤلف رحمه الله: [فجعلت أنقص حتى بلغت يومين فقال: إذا كان يومين فهو من حيضها، وسئل ابن سيرين عنه فقال: النساء أعلم بذلك].

يعني: النساء تعرف هذا، وقوله: إنها تجلس بعده يوماً أو يومين ليس بوجيه، وإنما تجلس أيام أقرائها كما سبق.

ولا تزيد يوماً أو يومين إلا إذا كان فيه وصف دم العادة، وأما إذا انتهى الدم الغليظ فلا تجلس يوماً أو يومين، فقول الحسن تجلس يوماً أو يومين إذا مد بها الحيض ليس بجيد، وكذلك قول التيمي: فجعلت أنقص حتى بلغت يومين، وأما قول ابن سيرين: النساء أعلم، فهو أصح من قول الحسن، والمؤلف رحمه الله أكثر النقول عن السلف؛ لأن باب الاستحاضة باب عويص.

والمستحاضة لها ثلاث حالات: أحدها: أن يكون لها عادة معلومة من الشهر، فتجلس فيها، ثم تغتسل وتصلي.

الثانية: ألا يكون لها عادة، كأن تكون مبتدئة أو لها عادة ونسيتها فتعمل على التمييز، فتجلس إذا كان الدم أسود أو ثخيناً أو منتناً أو أحمر شديد الحمرة، فإذا ذهب اغتسلت وصلت.

الثالثة: ألا يكون لها تمييز ولا عادة، وهذه تسمى متحيرة، فتحيض في علم الله ستة أيام أو سبعة أيام ثم تغتسل وتصلي.

وهذا على حسب عادة نسائها، ممن يشابهنها سمناً وخلقة من نسائها وأبناء جنسها، فإن كن يجلسن سبعة أيام جلست سبعاً، وأن كن يجلسن ستة جلست ستاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>