للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومرت الفتنة وظل السيوطي في مشيخة البيبرسية، ولم تكن هذه الحادثة سببا في فقده لمشيخة البيبرسية كما توهم كاتب ترجمته في دائرة المعارف الاسلامية «١»، وقد وقع في هذا الوهم أيضا عبد الوهاب حمودة «٢»، وليس الأمر كما ذهبا إليه لأن هذه الحادثة كانت في جمادى الآخرة عام ٩٠٣ هـ، وقد نص عليها ابن إياس المؤرخ المعاصر لهذه الفترة، ثم إن تركه لمشيخة البيبرسية لم يكن إلا في رجب عام ٩٠٦ هـ أي بعد ثلاث سنوات من الحادثة السابقة، ولم يكن سبب تركه لها هو أصداء الحادثة المذكورة، بل كان سبب عزله من مشيخة الخانقاه كما سنرى هو تولي طومان باي السلطنة بعد أن كان يشغل منصب الدوادارية الكبرى، وحينئذ تخوف السيوطي على نفسه فاختفى في جهة غير معلومة وكان السلطان قد طلبه ليفتك به «فلما اختفى قرر السلطان الشيخ يس البلبيسي في مشيخة الخانقاه البيبرسية عوضا عن الجلال السيوطي بحكم صرفه عنها»، وقد نص على ذلك ابن اياس في حوادث جمادى الآخرة عام ٩٠٦ هـ «٣».

وهكذا فلقد ظل الرجل بعد حادثة الصوفية في مشيخة البيبرسية بالرغم من كثرة الأذى الذي تعرض له، والثورة الجامحة التي شارك فيها أعداؤه المتربصون به والتي كادت تعصف به.

ويبدو أنه قد تعرض لبعض الأذى من أعدائه بعد هذه الحادثة مما جعله ينفث ما يشعر به من ظلم في رسالته «تأخير الظلامة إلى يوم القيامة» «٤»، وبالرغم من اتباعه في رسالته منهجه في التأليف الذي يكثر فيه من النقول، وعلى الرغم من أن الرسالة في جملتها مجموعة من النقول والقصص التي تذكر ليكون للمؤتسي بأصحابها أسوة حسنة فإن روح الرسالة تشعرنا بمدى ما تعرض له وأحس به خلال هذه الفتنة وبعدها.

وقد تطورت الأحداث بعد ذلك على غير ما يهوى السيوطي، فقد آلت


TheEncy clopaediaofIslam» AlSuyuti «. (١)
(٢) صفحات من تاريخ مصر في عصر السيوطي ص ١٥٥.
(٣) بدائع الزهور ج ٢ ص ٣٩١، ٣٩٢.
(٤) تأخير الظلامة إلى يوم القيامة (مخطوط بدار الكتب المصرية).

<<  <   >  >>