للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحث الرواة وأحوالهم لمعرفة حقيقتهم جرحا وتعديلا، ولم تحظ أسانيد اللغة بدراسة اللغويين، ولم يكن نقد الرواية إلا عرفا متبعا غير مدوّن لا يبين عنه إلا نصوص متناثرة وملاحظات قليلة في كتب الأقدمين، فابن فارس يشير إلى اشتراط عدالة الرواة بقوله: «فليتحر آخذ اللغة وغيرها من العلوم أهل الأمانة والثقة والصدق والعدالة،

فقد بلغنا من أمر بعض مشيخة بغداد ما بلغنا» «١».

وابن جني يتناول بعض ما يتصل بنقد الرواية في كتابه الخصائص فيتحدث عما انفرد به واحد من أهل اللغة وحكمه «٢»، وسقطات العلماء يعني أغلاط رواة اللغة «٣»، وما يتصل به من تصحيف وتحريف، وصدق النقلة وثقة الرواة والحملة «٤»، وهو بمثابة تعديل لبعض ناقلي اللغة كالأصمعي وأبي زيد وأبي عبيدة وأبي حاتم وأبي الحسن الأخفش والكسائي، وما عدا ذلك فهو ملاحظات قليلة جدا تتصل بالرواية ونقدها.

وقد حاول ابن الأنباري (٥٧٧ هـ) أن يضع أصولا لنقد الرواية اللغوية فاعتمد في محاولته على مصطلح أهل الحديث مقسما اللغة كتقسيم الحديث إلى متواتر وآحاد «٥»، ثم تحدث عن شرط المتواتر فاشترط فيه نفس شروط المحدّثين، وتحدث بنفس عباراتهم «٦» وتناول الآحاد فاشترط عدالة ناقل اللغة كما يشترط في الحديث «٧»، وتناول بالبحث قبول نقل أهل الأهواء «٨»، وتناول الأسانيد فتحدث عن المرسل والمجهول «٩»، كما تناول الاجازة، ثم تحدث عن معارضة النقل بالنقل أي الترجيح بين الروايات «١٠» ونلاحظ أن ابن الأنباري قد اعتمد على ما وضعه المحدّثون من مصطلح بيد أنه لم يحاول أن يطبق ذلك على اللغة تطبيقا دقيقا حيث لم يكثر من الأمثلة لما وضع من أصول.


(١) الصاحبي في فقه اللغة ص ٣٠.
(٢) الخصائص ج ٢ ص ٢١.
(٣) الخصائص ج ٣ ص ١٥٨.
(٤) المصدر السابق ج ٣ ص ٣٠٩.
(٥) ابن الأنباري: لمع الأدلة في أصول النحو ص ٨٣.
(٦) ابن الأنباري: لمع الأدلة ص ٨٤، ٨٥، انظر الكفاية للبغدادي ص ١٦، ١٧، ونخبة الفكر لابن حجر ص ٥.
(٧) لمع الأدلة ص ٨٥.
(٨) المصدر السابق ص ٨٦.
(٩) المصدر السابق ص ٩٠.
(١٠) نفس المصدر ص ١٣٦.

<<  <   >  >>