للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن تصبح ملاذ علماء المشرق والمغرب بعد سقوط بغداد وايذان شمس الأندلس بالمغيب.

وتنشط الدراسة النحوية، ويرى العلماء بالبلاد أن عليهم مسئولية القيام على تراث المشرق والمغرب.

ونلاحظ أن بعض النّابهين من نحاة مصر قد جمع بين دراسة الأصول ودراسة النحو كابن الحاجب (٦٤٦ هـ) وغيره، وقد وصل هؤلاء جميعا النحو بغيره من العلوم التي درسوها، وحاولوا الافادة منه في دراسة النصوص، وهذا الاتجاه وان كان أصيلا في طبيعة البحث النحوي فان المصريين قد توسعوا فيه «١».

وأهم نحوي ظهر في مصر بعد ذلك ابن هشام (٧٦١ هـ)، وقد خلف مصنفات عديدة أهمها «المغنى»، وقد اختط منهجه معتمدا على الترجيح بين البصريين والكوفيين ومن تبعهم من النحاة، واختيار الأصلح في نظره، وكانت له قدرة كبيرة على التعليل والتخريج، وكثيرا ما يبتكر آراء جديدة لم يسبق إليها لا سيما في توجيهاته الاعرابية، والجدير بالذكر أن السيوطي كان يقول عن نفسه: إنه لم يظهر بمصر بعد ابن هشام من يستحق أن يوصف بالاجتهاد في العربية غيري. وكان ابن هشام يميل إلى المذهب البصري. وأكثر المتأخرين ترجيحا للمذهب الكوفي ومتابعة له ابن مالك، وقد خالفه أغلب نحاة مصر الذين ناصروا في كثير من الأحيان آراء سيبويه والمدرسة البصرية، ونلاحظ ذلك لدى ابن عقيل في شرحه على الألفية.

ظهر السيوطي في أوج ازدهار النشاط النحوي مسبوقا بهذا الركام الضخم من المؤلفات النحوية، وقد آل إلى بيئته تراث البيئات السالفة، وقد تأثر السيوطي بالنحاة السابقين له لا سيما الذين أثروا في البيئة المصرية كابن مالك وأبي حيان، وبنحاة هذه البيئة كابن هشام، وقد تابع السيوطي عرف النحويين في عصره في تصنيف مؤلفاته، فقد درجوا على شرح منظومة ابن مالك فأفرد لها شرحا، كما راجت لديهم مصنفات ابن الحاجب وابن مالك وابن هشام وقد كان


(١) د. سيد خليل: مصر في تاريخ النحو ص ٦٩، مقال بمجلة كلية الآداب مجلد ١٣.

<<  <   >  >>