صار لفظ المشاركة بين الصفات اللائقة بالخالق واللائقة بالمخلوق لفظاً يقع فيه إجمال عند المتأخرين، حيث صار يستعمل فيما هو من المعاني الحقة التي صحت بالكتاب والسنة والإجماع، فيكون المعنى حقاً لكن لا يصح تسميته مشاركةً، والغلط الذي انتظم عند عامة طوائف المتكلمين من النفاة المحضة أو من يقاربهم وأخذه عنهم متكلمة الصفاتية، هو ظنهم أن الاشتراك في الاسم المطلق يستلزم التماثل عند الإضافة والتخصيص.
وبعبارة أخرى: هو ظنهم أن الاشتراك في الاسم المطلق هو التشبيه الذي نفته النصوص، فيمتنع أن يوصف الله سبحانه وتعالى عندهم بصفة الرضا؛ لأن المخلوق يتصف بذلك، ويمتنع أن يوصف بالمحبة -على طريقة الأشعري وأصحابه- لأن المخلوق يتصف بذلك.
إلا أن الأشعري لا يطرد هذا المذهب، بل يتناقض هو وأصحابه فيثبتون الإرادة والعلم والقدرة، إلى غير ذلك، وأما الذين ثبتوا على طريقة التعطيل فينفون سائر الصفات.
ومعلوم بضرورة العقل فضلاً عن الشرع أن التشبيه الذي نفته النصوص ليس هو الاشتراك في الاسم المطلق؛ لأنه لو كان كذلك للزم تعطيل الباري سبحانه وتعالى حتى عن صفة العلم، فإن المخلوق موصوف بالعلم، بل للزم تعطيل الباري سبحانه وتعالى حتى عن الوجود، فإن المخلوق ببديهة العقل والشرع والحس والفطرة له وجود، فهذا يستلزم تعطيل الباري عن صفة الوجود.