وقال المصنف:(وإن شاء عذبهم في النار بعدله، ثم يخرجهم منها برحمته، وشفاعة الشافعين)، أي: وإن كانت شفاعتهم من رحمته، كما هو صريح من النصوص أنه يخرج قوم من النار بمحض رحمته سبحانه وتعالى بغير شفاعة أحد.
وقد ذكر أهل العلم ومنهم الإمام ابن تيمية رحمه الله: أن مسقطات العقوبة، بضعة عشر مسقطاً حسب الاستقراء الشرعي، الأول: التوبة، وقد أجمع المسلمون أن من تاب من الكبيرة، فإنه يغفر له.
الثاني: الاستغفار، والاستغفار هنا مقامه أخص من مقام التوبة، والاستغفار تارةً يذكر ويراد به التوبة، وتارةً يذكر ويراد به ما هو أخص من ذلك.
الثالث: الحسنات، فإن الله سبحانه وتعالى قال:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}[هود:١١٤].
الرابع: دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب.
الخامس: المصائب المكفرة.
السادس: ما يقع في القبر من الهول.
السابع: العذاب الذي يقع في القبر، فلا يوافي ربه بكبيرته، بل يزول أثرها بعذاب القبر.
الثامن: مقامات الآخرة وعرصات القيامة، فهذه جملة من المسقطات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:(فإذا عدمت هذه الأسباب، المسقطة لعقوبة الكبيرة، قال: ولن تعدم إلا في حق من عتى وتمرد وشرد على الله شرود البعير الضال على أهله، فهنا يعذب في النار ثم يخرج منها).
وهذا من سعة فقهه رحمه الله، فإن الله سبحانه وتعالى يغفر لعباده المؤمنين؛ لأن معهم حسنة التوحيد، ولهذا ينبغي لطالب العلم أن يعنى بهذه الحسنة، فقهاً ودعوةً وتعليماً، والمسلمون مهما كان فيهم من المعصية، ما دام أنهم محققون لأصل التوحيد، فإنهم على خير كثير، وهم قريبون من رحمته سبحانه وتعالى، وفضله وإحسانه.