قال المصنف رحمه الله:[ونؤمن بأشراط الساعة من خروج الدجال ونزول عيسى بن مريم عليه السلام من السماء، ونؤمن بطلوع الشمس من مغربها، وخروج دابة الأرض من موضعها].
أشراط الساعة: هي مقدماتها التي تقع قبل وقوعها، والمشهور في كلام المتأخرين من أهل العلم أنهم يقسمون هذه الأشراط إلى الكبرى والصغرى، وإن كان بينهم نزاع في تحديد الكبرى، وأكثرهم يقولون: إن الكبرى هي العشر التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة بن أسيد الذي رواه مسلم وغيره، قال:(اطلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن نتذاكر، قال: فما تذاكرون؟ قلنا: الساعة.
قال: إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات فذكر: الدخان والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاث خسوف، خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نارٌ تخرج من اليمن، تطرد الناس إلى محشرهم)، فهذه الآيات العشر، وقد ذكر المصنف جملة منها، هي المشهورة عند كثير من أهل العلم بالآيات الكبرى، أو بالأشراط الكبرى، وإن كان هذا التقسيم لم يرد في النصوص أصلاً.
وهذه الأمة المحمدية جاءت بين يدي الساعة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح، أنه قال:(بعثت أنا والساعة كهاتين) وجاء عند الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بعثت أنا والساعة نستبق، كادت أن تسبقني فسبقتها)، فإذا كان كذلك، علم أن هذه الأمة بين يدي الساعة، وعليه؛ فما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم مقدمة لها فإنه يسمى آية لها، أو شرطاً من اشتراطها، وأما تسميتها بالكبرى والصغرى فهذه من الأسماء الإضافية، فيراد بالكبرى ما بين يدي الساعة قريب منها، وهذا مما لا إشكال فيه، وهذا استنبطه أهل العلم من دلالات النصوص، فالنبي صلى الله عليه وسلم مع أنه ذكر أنه بعث بين يدي الساعة، إلا أنه كان يخصص بعض الآيات بنوع من التخصيص، وهذا كمثل حديث حذيفة بن أسيد لما قال:(إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات)، فذكر آيات مقاربة لقيام الساعة.
فهذا التقسيم، وهو أن أشراطها تنقسم إلى صغرى وكبرى، لا ينبغي إنكاره، كما فعل بعض الباحثين والمعاصرين، كما لا ينبغي الالتفات إليه كثيراً، فهو نوع من التقسيم العلمي إذا فسر بمراد صحيح فلا إشكال فيه، فمن تركه ولم يستعمله؛ فلأن النصوص لم تستعمله على هذا الوجه، ومن استعمله، فلكونه ظاهراً من طرفٍ من نصوص السنة أن هناك آيات لها اختصاص، كهذه الآيات العشر، ولا شك أن بعض الآيات كنزول عيسى بن مريم، لا يمكن أن يقارن ببعض الآيات التي وقعت من سنوات مضت، وعن هذا قيل بهذا التقسيم بالصغرى والكبرى.