قوله:(ولا يشبه الأنام) لفظ التشبيه جرى ذكره منفياً في كلام الأئمة رحمهم الله، لكن هذا اللفظ لم يستعمل في الكتاب ولا في السنة، ومن هنا فإن التعبير بنفي التمثيل يكون أصح من جهة أنه اللفظ الذي عُبر بنفيه في القرآن، قال تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١].
وتخصيص المصنف (الأنام) بالذكر ليس هو الأولى، بل كان الأولى أن ينفي ذلك مطلقاً، إلا إذا أريد أن هذا من باب قياس الأولى؛ فإن الله سبحانه وتعالى كرَّم بني آدم، وإذا كان الله سبحانه وتعالى منزهاً عن مشابهتهم فغيرهم ممن هو دونهم من باب أولى.
أو يُفَسَّر كلام المصنف بأن المراد (بالأنام) سائر المخلوقين، فإنه بهذا الاعتبار يكون ممكناً.
قال المصنف رحمه الله:[حي لا يموت، قيوم لا ينام].
قوله:(حي لا يموت):
ذكر المصنف اسم الحي والصفة المتضمنة له، وذكر النفي، مع أن الأصل أن اللفظ المفصل إثباتاً في القرآن لا يلحق به نفي ما يضاده إلا في الموارد المذكورة في النصوص على هذا الوجه، فمثلاً: إذا ذكر السميع والبصير فإنه يذكر ولا يلحق به النفي؛ لأن العلم بالنفي علم قاطع، من باب أن المتقابلين يمتنع ثبوتهما معاً، فلما ثبت أنه سميع عُلِمَ أنه منزه عن ضد ذلك؛ لكن المصنف قال هنا:(حي لا يموت)، لأن الله سبحانه وتعالى قال:{الله لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ}[البقرة:٢٥٥] فلما حصلت هذه المناسبة في هذا السياق جرى المصنف على هذا الاعتبار، وإلا فإن الأصل أن اللفظ المفصل لا يلحق به النفي الذي يعلم ثبوته معه.