قال المصنف رحمه الله:[فهذا جملة ما يحتاج إليه من هو منور قلبه من أولياء الله تعالى، وهي درجة الراسخين في العلم، لأن العلم علمان: علم في الخلق موجود، وعلم في الخلق مفقود، فإنكار العلم الموجود كفر، وادعاء العلم المفقود كفر، ولا يثبت الإيمان إلا بقبول العلم الموجود، وترك طلب العلم المفقود].
هذه الجملة فيها أثر من أثر الصوفية، فإن لفظ (الولاية) وإن كان لفظاً شرعياً بالإجماع، لكن يستعمله الصوفية كثيراً، فإنهم إذا ذكروا ذلك خصوا هذا المقام بالأولياء، ولا يذكرون أهل العلم كما يذكرون الأولياء، ويجعلون الولاية مقاماً من مقامات الأحوال وليست مقاماً من مقامات المعرفة.
وقوله:(فإنكار العلم الموجود كفر، وادعاء العلم المفقود كفر).
العلم الموجود هو ما علَّم الله سبحانه وتعالى رسوله إياه كما قال تعالى:{وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ}[النساء:١١٣]، فهذا العلم الذي بُعث به صلى الله عليه وسلم وعلمه أمته هو العلم الذي إنكاره كفر، وأما ما استأثر الله سبحانه وتعالى بعلمه من أسمائه، وأفعاله، وقضائه، وقدره، وأحكامه، وحِكمه، فإن هذا علم من زعمه فقد كفر، فإنه لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله، فهذا هو المقصود عند أبي جعفر، وهو حسن صحيح.