[التحذير من الأمن من مكر الله، واليأس من روح الله]
قال المصنف رحمه الله:[والأمن والإياس ينقلان عن ملة الإسلام، وسبيل الحق بينهما لأهل القبلة].
الأمن: هو الأمن من مكر الله، والإياس: هو الإياس من روح الله، ومراده بما ينقل عن ملة الإسلام هو: الأمن المطلق، فمن أمن مكر الله مطلقاً فهو كافر، وكذلك من قنط أو يئس من رحمة الله مطلقاً فهو كافر، وأما التقصير في هذا المقام بأن يعرض للعبد قدرٌ من الأمن الذي لا يكون مستحكماً عنده، ولا يعطِّل عنده مقام الرجاء ومقام الخوف والتعلق بالله، فهذا من كبائر الذنوب، ويكون من أعمال القلوب المخالفة لشرع الله سبحانه وتعالى، ولهذا كان من فقه ابن مسعود أن قال:(إن أكبر الكبائر الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، واليأس من روح الله).
وكما أن الشرك فيه ما هو أكبر وما هو دون ذلك، فإن الأمن والإياس كذلك، فمن أمن مكر الله مطلقاً فهو كافر ومن يئس من روح الله مطلقاً فهو كافر، ولكن من عرضت له أحوال في هذا المقام أو هذا المقام لا تنازع أصول الإيمان من كل وجه، فإن هذا شيء من أعمال القلوب القاصرة التي يوافي العبد بها ربه على أصل التوحيد والإيمان، وقد يكون بعضها من مقامات المعصية، وبعضها من مقامات الكبائر.
وقوله:(وسبيل الحق بينهما لأهل القبلة) أي: الوسط بين مقام الأمن ومقام اليأس هو الأخذ بمقام الخوف والمحبة والرجاء.