قال رحمه الله:[ونؤمن بما جاء من كراماتهم، وصح عن الثقات من رواياتهم].
قوله:(ونؤمن بما جاء من كراماتهم)؛ وهذا من أصول أهل السنة والجماعة، فإنهم يؤمنون بكرامات الأولياء، وجمهور المتكلمين لا يثبتون كرامات الأولياء، وموجب ذلك عندهم أنهم جعلوا دليل النبوة هو المعجزة، والمعجزة هي الآيات، ولا شك أنها دليل، بل قال الله تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ ..}[الإسراء:١٠١]، فلا شك أن هذه دلائل، لكن دليل النبوة ليس مقصوراً عليها، فلما جعل جمهور المتكلمين دليل النبوة مقصوراً على المعجزات منعوا كرامات الأولياء حتى لا تختلط الكرامة بالمعجزة.
ولا شك أن هذا مخالف حتى لنظام العقل؛ لأن الكرامة تكون لولي، ومعلوم أنه يمتنع على الولي أن يدعي النبوة، فلو ادعى النبوة، أو استعمل ما أوتي من الكرامة على نوع من الالتفات إلى شخصه، لكان هذا مسقطاً لولايته، إذ استعمل ما أوتيه من الكرامة على وجه من الغلط المخالف للسنة والشريعة، فمثل هذه الشبهة لا ينبغي الالتفات إليها.