للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حساب الكفار يوم الحساب]

وكذلك الحساب: فإن الناس يحاسبون، وقد تنازع المتأخرون من أهل السنة، في محاسبة الكفار، هل يحاسبون أو لا يحاسبون؟ والصواب التفصيل فإن أريد بمحاسبتهم الموازنة بين الحسنة والسيئة فإن الأمر لا يكون كذلك؛ لأن الكفار لا يوافون ربهم بحسنة، وإن أريد بالمحاسبة الإقرار والإشهاد وما إلى ذلك من المقاصد والمعاني، فإن هذا لا شك أنه يقع، وقد ذكره الله في كتابه وذكره الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في سنته.

والكافر قد يقع منه ما هو من عمل الخير، ولكنه إذا لم يبتغ به وجه الله سبحانه وتعالى، فإنه لا يوافي ربه به بحسنة، بل يجزى بها في الدنيا، ولهذا جاء قوله تعالى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء:١١٤] فسماه خيراً، ثم قال: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء:١١٤]، وفي الصحيح عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إن الله لا يظلم مؤمناً حسنة، يعطى بها في الدنيا، ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا)، فسماها حسنات، وهي أعماله من الخير، كالصدقة أو العتق، أو صلة الرحم، أو نحو ذلك.

قال: (وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة، لم تكن له حسنةٌ يُجزى بها)، فلا يوافي الكافر ربه بحسنة يثاب عليها، بل ما يقع له من الخير والحسنة فإنه يطعم بها في الدنيا، كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>