قال: [والاستطاعة التي يجب بها الفعل من نحو التوفيق الذي لا يوصف المخلوق به، تكون مع الفعل، وأما الاستطاعة من جهة الصحة والوسع التمكين وسلامة الآلات، فهي قبل الفعل وبها يتعلق الخطاب، وهو كما قال تعالى:{لا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة:٢٨٦]].
قول أبي جعفر في مسألة الاستطاعة قول محقق؛ فإن لأهل الكلام قولين مشهورين في مسألة الاستطاعة، فمنهم من يقول: إن الاستطاعة تكون مع الفعل، ومنهم من يقول: إن الاستطاعة تكون قبل الفعل، وهذان القولان هما المشهوران عند المعتزلة والأشاعرة؛ والقول المحفوظ عند أهل السنة هو هذا التفصيل، وبهذا التفصيل يعلم أن الطحاوي رحمه الله مجانبٌ لمذهب الأشعرية؛ فإن عامة الأشعرية لا يقررون هذا المذهب.