للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام بالأمر بعده أحق الناس به، أبو بكر (١) المعلّم والمعلّم، وقاتل (٢) هو والصحابة مسيلمة الكذاب (٣)، أشير عليه (٤) أن يجمع القرآن فى مصحف واحد؛ رجاء الثواب وخشية أن يذهب بذهاب قرائه (٥)، توقف من حيث إنه صلى الله عليه وسلم لم يشر عليهم فيه برأى من آرائه، ثم اجتمع رأيه ورأى الصحابة على ذلك، فأمر (٦) زيد بن ثابت أن يتتبعه من صدور أولئك، قال زيد (٧): والله لو كلفونى نقل (٨) الجبال لكان أيسر على من ذلك. قال: فجعلت أتتبع القرآن من صدور الرجال والرقاع- وهى قطع الأدم- والأكتاف- وهى عظام الكتف المنبسط كاللوح والأضلاع- والعسب- سعف (٩) النخل- واللخاف- الأحجار العريضة البيض- وذلك لعدم الورق حينئذ. قال زيد: فذكرت آية كنت [قد] (١٠) سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ [التوبة:

١٢٨] فلم أجدها إلا عند خزيمة بن ثابت (١١).


(١) هو عبد الله بن أبى قحافة عثمان بن عامر. من تيم قريش. أول الخلفاء الراشدين، وأول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم. من أعاظم الرجال، وخير هذه الأمة بعد نبيها. ولد بمكة، ونشأ فى قريش سيدا، موسرا، عالما بأنساب القبائل حرم على نفسه الخمر فى الجاهلية، وكان مألفا لقريش، أسلم بدعوته كثير من السابقين. صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هجرته، وكان له معه المواقف المشهورة. ولى الخلافة بمبايعة الصحابة له. فحارب المرتدين، ورسخ قواعد الإسلام. وجه الجيوش إلى الشام والعراق ففتح قسم منها فى أيامه توفى سنة ١٣ هـ. ينظر: الإصابة، ومنهاج السنة (٣/ ١١٨)، و «أبو بكر الصديق» للشيخ على الطنطاوى.
(٢) فى ز: قابل.
(٣) هو أبو ثمامة مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفى الوائلى متنبئ، من المعمرين، ولد ونشأ ب «اليمامة» بوادى حنيفة، فى نجد، تلقب فى الجاهلية ب «الرحمن»، وعرف ب «رحمان اليمامة»، وقد أكثر مسليمة من وضع أسجاع يضاهى بها القرآن، وكان مسيلمة ضئيل الجسم، قالوا فى وصفه:
كان رويجلا، أصيغر، أخينس، ويقال: كان اسمه «مسلمة»، وصغره المسلمون تحقيرا له. قتل سنة ١٢ هـ فى معركة قادها خالد بن الوليد- فى عهد أبى بكر الصديق- للقضاء على فتنته. ينظر ابن هشام: (٣/ ٨٤)، والروض الأنف (٢/ ٣٤٠)، والكامل لابن الأثير (٢/ ١٣٧).
(٤) فى د: إليه.
(٥) فى م: قراءة.
(٦) فى م: فأمروا. وهو زيد بن ثابت بن الضحاك من الأنصار، ثم من الخزرج. من أكابر الصحابة. كان كاتب الوحى. ولد فى المدينة، ونشأ بمكة، وهاجر مع النبى صلى الله عليه وسلم وعمره (١١) سنة. تفقه فى الدين فكان رأسا فى القضاء والفتيا والقراءة والفرائض. وكان أحد الذين جمعوا القرآن فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم وعرضه عليه. كتب المصحف لأبى بكر، ثم لعثمان حين جهز المصاحف إلى الأمصار توفى سنة ٤٥ هـ. ينظر: الأعلام للزركلى، وتهذيب التهذيب (٣/ ٣٩٨)، وغاية النهاية (١/ ٢٩٦).
(٧) زاد فى ص، م، د: ابن ثابت.
(٨) فى م: أنقل.
(٩) فى ص، ز: سغف.
(١٠) زيادة من ز.
(١١) هو خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عمار الأنصارى الخطمى ذو الشهادتين، شهد بدرا وأحدا، له ثمانية وثلاثون حديثا. تفرد له مسلم بحديث. روى عنه ابنه عمارة وإبراهيم بن سعد

<<  <  ج: ص:  >  >>