قال أبو عبيد وأبو العباس: نزل على سبع لغات من لغات العرب. قال: وليس معناه أن يكون فى الحرف الواحد سبعة أوجه، هذا لم يسمع به، قال: ولكن يقول هذه اللغات متفرقة فى القرآن، فبعضه بلغة قريش، وبعضه بلغة أهل اليمن، وبعضه بلغة هوازن، وبعضه بلغة هذيل وكذلك سائر اللغات ومعانيها فى هذا كله واحد. وقال غيره: وليس معناه أن يكون فى الحرف الواحد سبعة أوجه، على أنه قد جاء فى القرآن ما قد قرئ بسبعة وعشرة نحو مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة: ٤] ووَ عَبَدَ الطَّاغُوتَ [المائدة: ٦٠] ومما يبين ذلك قول ابن مسعود: إنى قد سمعت القراء فوجدتهم متقاربين، فاقرءوا كما علمتم إنما هو كقول أحدكم هلم وتعال وأقبل. قال ابن الأثير: وفيه أقوال غير ذلك، هذا أحسنها. والحرف فى الأصل: الطرف والجانب، وبه سمى الحرف من حروف الهجاء. وروى الأزهرى عن أبى العباس أنه سئل عن قوله: نزل القرآن على سبعة أحرف فقال: ما هى إلا لغات. قال الأزهرى: فأبو العباس النحوى، وهو واحد عصره قد ارتضى ما ذهب إليه أبو عبيد واستصوبه. قال: وهذه الأحرف السبعة التى معناها اللغات غير خارجة من الذى كتب فى مصاحف المسلمين التى اجتمع عليها السلف المرضيون والخلف المتبعون. فمن قرأ بحرف لا يخالف المصحف بزيادة أو نقصان أو تقديم مؤخر أو تأخير مقدم، وقد قرأ به إمام من أئمة القراء المشتهرين فى الأمصار، فقد قرأ بحرف من الحروف السبعة التى نزل القرآن بها. ومن قرأ بحرف شاذ يخالف المصحف وخالف فى ذلك جمهور القراء المعروفين فهو غير مصيب، وهذا مذهب أهل العلم الذين هم القدوة ومذهب الراسخين فى علم القرآن قديما وحديثا، وإلى هذا أومأ أبو العباس النحوى وأبو بكر بن الأنبارى فى كتاب له ألفه فى اتباع ما فى المصحف الإمام، ووافقه على ذلك أبو بكر بن مجاهد مقرئ أهل العراق وغيره من الأثبات المتقنين، قال: ولا يجوز عندى غير ما قالوا، والله تعالى يوفقنا للاتباع ويجنبنا الابتداع. ينظر: لسان العرب (٢/ ٨٣٧ - ٨٣٨). (١) فى م: أحرف.