للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحب «الهداية» من الحنفية.

قال: لمطابقة لفظ القرآن، يعنى فَاسْتَعِذْ [النحل: ٩٨].

ويؤخذ من هذا التعليل: أنه لا يجزئ عنده إلا «أستعيذ» وفيه نظر، بل لا يجزئ «أستعيذ».

والدليل عليه أن السين والتاء شأنهما الدلالة على الطلب إيذانا بطلب التعوذ؛ فمعنى «استعذ بالله»: اطلب من الله أن يعيذك. فامتثال الأمر [قولك] (١): «أعوذ»؛ لأن قائله متعوذ ومستعيذ، قد عاذ والتجأ، وقائل: «أستعيذ» طالب العياذ لا متعوذ، ك «أستخير» [الله] (٢)، أى: أطلب خيرته، وكذلك [أستغفره] (٣) وأستقيله، فدخلت [استعذ] (٤) على الأمر إيذانا بطلب هذا المعنى من المعاذ به، فإذا قال المأمور: (أعوذ) فقد امتثل ما طلب منه؛ فإن المطلوب منه نفس الاعتصام، وفرق بينه وبين طلب الاعتصام، فلما كان المستعيذ هاربا ملتجئا معتصما بالله أتى بالفعل الدال على ذلك (٥)، فتأمله.

فإن قلت: فما تقول فى الحديث الذى رواه أبو جعفر الطبرى بسنده إلى ابن عباس (٦) قال: أول ما نزل جبريل على النبى صلى الله عليه وسلم قال: «يا محمّد استعذ» (٧).

قال: «أستعيذ بالسّميع العليم من الشّيطان الرّجيم (٨)».

فالجواب: أن التمسك به يتوقف على صحته، وقد قال الحافظ أبو الفداء (٩) إسماعيل ابن كثير: «فى إسناده ضعف وانقطاع». انتهى.

ومع ذلك فإن الدانى (١٠) رواه على الصواب عن ابن عباس: أن جبريل قال: «يا محمّد قل: أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم».

والحاصل أن المروى عن النبى صلى الله عليه وسلم فى جميع تعوذاته: أعوذ، وهو الذى أمره الله به وعلمه له فقال: وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ [المؤمنون: ٩٧]، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس: ١]، وقال تعالى عن موسى: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ [البقرة: ٦٧]، وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ [الدخان: ٢٠]، وقال سيد البشر: «إذا تشهّد أحدكم


(١) سقط فى م.
(٢) سقط فى ص.
(٣) سقط فى م.
(٤) سقط فى د، ز، ص.
(٥) فى د، ص: على طلب ذلك.
(٦) فى م: إلى أن قال.
(٧) فى م: فقال: يا محمد استعذ بالسميع العليم.
(٨) أخرجه الطبرى فى تفسيره (١/ ٧٧) (١٣٧).
(٩) فى م، ص: أبو العز.
(١٠) فى م: ومن ذلك قال الدانى، وفى د: ومع ذلك أن الدانى.

<<  <  ج: ص:  >  >>