للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند (١) طيب (٢) نفسه وفراغه، ويلطف فى سؤاله، ويحسن خطابه، ولا يستحى من السؤال عما أشكل عليه، بل يستوضحه أكمل استيضاح، فقد قيل: من رق وجهه عند السؤال، ظهر نقصه عند اجتماع الرجال.

وعن الخليل بن أحمد (٣): «منزلة الجهل (٤) بين الحياء والأنفة».

وينبغى له إذا سمع الشيخ يقول مسألة أو يحكى حكاية، وهو يحفظها، أن يصغى إليها إصغاء من لا يحفظها، إلا إذا علم من الشيخ إشارة (٥) بأن المتعلم حافظ.

وينبغى أن يكون حريصا على التعلم مواظبا عليه فى جميع أوقاته ليلا ونهارا، وقد (٦) قال الشافعى- رحمه الله تعالى- فى رسالته: حق على طلبة العلم بلوغ نهاية جهدهم فى الاستكثار من العلم، والصبر (٧) على كل عارض، وإخلاص النية لله تعالى، والرغبة إلى الله تعالى فى العون عليه. وفى صحيح مسلم: «لا يستطاع العلم براحة الجسم» (٨).


(١) فى م، ص، د: عن.
(٢) فى م: تطييب.
(٣) صاحب العربية، ومنشئ علم العروض، أبو عبد الرحمن، الخليل بن أحمد الفراهيدى، البصرى، أحد الأعلام. ولد سنة مائة.
حدث عن: أيوب السختيانى، وعاصم الأحول، والعوام بن حوشب، وغالب القطان.
أخذ عنه سيبويه النحو، والنضر بن شميل، وهارون بن موسى النحوى، ووهب ابن جرير، والأصمعى، وآخرون.
وكان رأسا فى لسان العرب، دينا، ورعا، قانعا، متواضعا، كبير الشأن، يقال: إنه دعا الله أن يرزقه علما لا يسبق إليه، ففتح له بالعروض، وله كتاب: العين، فى اللغة.
وثقه ابن حبان. وقيل: كان متقشفا متعبدا. مات سنة بضع وستين ومائة، وقيل: بقى إلى سنة سبعين ومائة. ينظر: سير أعلام النبلاء (٧/ ٤٢٩ - ٤٣١)، وطبقات النحويين للزبيدى (٤٧ - ٥١)، ومعجم الأدباء (١١/ ٧٢ - ٧٧)، والكامل لابن الأثير (٦/ ٥٠).
(٤) فى م: الجاهل.
(٥) فى د، ز، م: إيثاره.
(٦) فى ص، د: فقد.
(٧) فى د: ونصبر.
(٨) ذكر النووى جل هذه الآداب فى مقدمته للمجموع وزاد عليها: أنه ينبغى لطالب العلم أن يكون حريصا على التعلم، مواظبا عليه فى جميع أوقاته ليلا ونهارا، حضرا أو سفرا، ولا يذهب من أوقاته شيئا فى غير العلم، إلا بقدر الضرورة؛ لأكل ونوم قدرا لا بد منه، ونحوهما كاستراحة يسيرة لإزالة الملل، وشبه ذلك من الضروريات، وليس بعاقل من أمكنه درجة ورثة الأنبياء ثم فوتها، وقد قال الشافعى- رحمه الله- فى رسالته: حق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم فى الاستكثار من علمه، والصبر على كل عارض دون طلبه، وإخلاص النية لله- تعالى- فى إدراك علمه نصا واستنباطا، والرغبة إلى الله تعالى فى العون عليه. وفى صحيح مسلم عن يحيى بن أبى كثير، قال: لا يستطاع العلم براحة الجسم. ذكره فى أوائل مواقيت الصلاة.
ومن آدابه: الحلم والأناة، وأن يكون همته عالية، فلا يرضى باليسير مع إمكان الكثير، وألا يسوف فى اشتغاله، ولا يؤخر تحصيل فائدة وإن قلت إذا تمكن منها، وإن أمن حصولها بعد ساعة؛ لأن للتأخير آفات، ولأنه فى الزمن الثانى يحصل غيرها، وعن الربيع قال: لم أر الشافعى آكلا بنهار، ولا نائما بليل، لاهتمامه بالتصنيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>