ومنها: استعماله أحاديث التسبيح، والتهليل، ونحوهما من الأذكار والدعوات وسائر الآداب الشرعيات. ومنها: دوام مراقبته لله تعالى فى علانيته وسره، محافظا على قراءة القرآن، ونوافل الصلوات، والصوم، وغيرها؛ معولا على الله- تعالى- فى كل أمره معتمدا عليه، مفوضا فى كل الأحوال أمره إليه. ومنها- وهو من أهمها-: ألا يذل العلم، ولا يذهب به إلى مكان ينتسب إلى من يتعلمه منه، وإن كان المتعلم كبير القدر، بل يصون العلم عن ذلك كما صانه السلف، وأخبارهم فى هذا كثيرة مشهورة مع الخلفاء وغيرهم. فإن دعت إليه ضرورة أو اقتضت مصلحة راجحة على مفسدة ابتذاله- رجونا أنه لا بأس به ما دامت الحالة هذه، وعلى هذا يحمل ما جاء عن بعض السلف فى هذا. ومنها: أنه إذا فعل فعلا صحيحا جائزا فى نفس الأمر، ولكن ظاهره أنه حرام أو مكروه، أو مخل بالمروءة، ونحو ذلك، فينبغى له أن يخبر أصحابه، ومن يراه يفعل ذلك بحقيقة ذلك الفعل؛ لينتفعوا؛ ولئلا يأثموا بظنهم الباطل؛ ولئلا ينفروا عنه، ويمتنع الانتفاع بعلمه، ومن هذا الحديث الصحيح: «إنها صفية». ومن آدابه فى درسه واشتغاله أنه ينبغى ألا يزال مجتهدا فى الاشتغال بالعلم قراءة وإقراء، ومطالعة وتعليقا، ومباحثة ومذاكرة وتصنيفا، ولا يستنكف من التعلم ممن هو دونه فى سن أو نسب أو شهرة أو دين، أو فى علم آخر، بل يحرص على الفائدة ممن كانت عنده، وإن كان دونه فى جميع هذا، ولا يستحى من السؤال عما لم يعلم. فقد روينا عن عمر وابنه- رضى الله عنهما- قالا: من رق وجهه رق علمه. وعن مجاهد لا يتعلم العلم مستح ولا مستكبر. وفى الصحيح عن عائشة- رضى الله عنها- قالت: نعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن فى الدين. وقال سعيد بن جبير: لا يزال الرجل عالما ما تعلم، فإذا ترك العلم وظن أنه قد استغنى واكتفى بما عنده فهو أجهل ما يكون. وينبغى ألا يمنعه ارتفاع منصبه وشهرته من استفادة ما لا يعرفه، فقد كان كثيرون من السلف يستفيدون من تلامذتهم ما ليس عندهم، وقد ثبت فى الصحيح رواية جماعة من الصحابة عن التابعين، وروى جماعات من التابعين عن تابعى التابعين، وهذا عمرو بن شعيب ليس تابعيا، وروى عنه أكثر من سبعين من التابعين. وثبت فى الصحيحين أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: قرأ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا [البينة: ١]، على أبى بن كعب- رضى الله عنه- وقال: «أمرنى الله أن أقرأ عليك». فاستنبط العلماء من هذا فوائد، منها: بيان التواضع، وأن الفاضل لا يمتنع من القراءة