وأما الذين خففوه فإنهم جعلوه أداة، ثم بنوه على أصله فأثبتوا الرفعة التى كانت تكون فى قط وهى مشددة؛ وكان أجود من ذلك أن يجزموا فيقولوا ما رأيته قط، مجزومة ساكنة الطاء، وجهة رفعه كقولهم لم أره مذ يومان، وهى قليلة، كله تعليل كوفى، ولذلك وضعوا لفظ الإعراب موضع لفظ البناء، هذا إذا كانت بمعنى الدهر، وأما إذا كانت بمعنى حسب، وهو الاكتفاء، فقد قال سيبويه: قط ساكنة الطاء، معناها الاكتفاء، وقد يقال قط وقطى؛ وقال: قط معناها الانتهاء، وبنيت على الضم كحسب. وحكى ابن الأعرابى: ما رأيته قط، مكسورة مشددة، وقال بعضهم: قط زيدا درهم، أى كفاه، وزادوا النون فى قط فقالوا قطنى، لم يريدوا أن يكسروا الطاء لئلا يجعلوها بمنزلة الأسماء المتمكنة، نحو يدى وهنى. وقال بعضهم: قطنى كلمة موضوعة لا زيادة فيها كحسبى؛ قال الراجز: امتلأ الحوض وقال: قطنى ... سلا رويدا قد ملأت بطنى وإنما دخلت النون ليسلم السكون الذى يبنى الاسم عليه، وهذه النون لا تدخل الأسماء، وإنما تدخل الفعل الماضى إذا دخلته ياء المتكلم، كقولك ضربنى وكلمنى، لتسلم الفتحة التى بنى الفعل عليها، ولتكون وقاية للفعل من الجر؛ وإنما أدخلوها فى أسماء مخصوصة قليلة، نحو قطنى وقدنى وعنّى ومنّى ولدنّى، لا يقاس عليها، فلو كانت النون من أصل الكلمة لقالوا قطنك، وهذا غير معلوم. وقال ابن برى: عنّى ومنّى وقطنى ولدنى على القياس؛ لأن نون الوقاية تدخل الأفعال لتقيها الجر وتبقى على فتحها، وكذلك هذه التى تقدمت دخلت النون عليها لتقيها الجر فتبقى على سكونها ينظر لسان العرب (٥/ ٣٦٧٣). (١) فى ص: فنقول، وفى د: فيقول. (٢) سقط فى م. (٣) فى م، د: بسبب. (٤) فى م: ولذاكره. (٥) فى م، ص: من. (٦) فى ص: بجمعها. (٧) فى ز، ص، د: وخرج. (٨) أخرجه الترمذى (٢٩١٠) والبخارى فى التاريخ الكبير (١/ ٦٧٩) من طريق محمد بن كعب القرظى