للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: يا هذه، فما الذي فرق بينكما؟ قالت: نوائب الدهر ولحديثي وحديثه شأن من الشؤون، وذلك أني كنت قعدت في ويم نيروز، ودعوت عدة من مستظرفات البصرة من النساء الجميلات وكانت فيهن الحوراء جارية شيرا، وكان شراؤها عليه من عمان بثمانية آلاف درهم، وكانت بي والعة، فلما دخلت رمت بنفسها علي تقطعني قرصاً وعضاً، ثم خلونا نتمرن القهوة إلى أن يدرك طعامنا ويجتمع من دعونا وكانت تلاعبني وألاعبها، فتارة أنا فوقها، وتارة هي فوقي، فحملها السكر إلى أن ضربت يدها إلى تكتي فحلتها من غير زيبةٍ كانت بيننا، وأنزلت سراويل ملاعبة، فبينما نحن كذلك إذ دخل علينا حبيبي فرأى ذلك فاشمأز لذلك وصدف عني صدوف المهرة العربية إذا سمعت صلاصل لجامها، فولى خارجاً، فأنا يا شيخ منذ ثلاث سنين أسأل الاجتماع به فلا ينظر إلي بطرف ولا يكتب لي بحرف ولا يكلم لي رسولاً ولا يسمع مني قيلاً.

فقلت لها: يا هذه، من العرب هو أم من العجم؟ فقالت: ويحك هو من جملة ملوك البصرة.

فقلت لها: شيخ هو أم شاب؟ فنظرت إلي شزراً وقالت: إنك أحمق، هو مثل القمر ليلة البدر، أجرد أمرد له طرة كحلك الغراب لا يعيبه شيء غير انحرافه عني.

قلت لها: ما اسمه؟ قالت: ماذا تصنع به؟ أجتهد في لقائه فأتعرف الفضل بينكما.

قالت: على شرط أن تحمل إليه رقعة.

قلت: لا أكره ذلك.

فقالت: اسمه ضمرة بن المغيرة ويكنى بأبي السخاء، وقصره بالمربد.

ثم صاحت في الدار: يا جواري، الدواة والقرطاس، وشمرت عن ساعدين كأنهما طوقان من فضة، وكتبت بعد البسملة: سدي ترك الدعاء في صدر رقعتي ينبئ عن تقصيري، ودعائي، إن دعوته، هجنة ورعونة، ولولا أن بلوغ المجهود يخرج من حد التقصير لكان لما تكلفته خادمتك من كتابة هذه الرقعة معنى مع يأسها منك لعلمها تركك الجواب.

سيدي، جد بنظرة وقت اجتيازك في الشارع إلى الدهليز تحيي بها نفساً ميتة، واخطط بخط يدك، بسطها الله بكل فضيلة، رقعة واجعلها عوضاً عن تلك الخلوات التي كانت بيننا في الليالي الخاليات التي أنت ذاكر لها.

سيدي، ألست لك محبة مدنفةٌ؟ فإن رجعت إلى الآيسة كنت لك شاكرة وبعد خادمة. والسلام.

<<  <   >  >>