وهو محمول معلق على شرط قد يقع ولا يقع، وأما الوسطى، فمر بها طيف خيال في النوم فسلمت عليه، وبيت الصغرى ذكرت أنها ضاجعته مضاجعة حقيقية وشمت منه أنفاساً أطيب من المسك وفدته بنفسها وأهلها ولا يفدى بالنفس إلا من هو أعز من النفس.
فقال الخليفة: أحسنت يا أصمعي.
ثم دفع إلي ثلاثمائة دينار فأخذتها وانصرفت فكنت أقول لله درك من شعر أخذت في حكومتي منه ثلاثمائة دينار، وفي حكايته مثلها، والله أعلم.
[الأصمعي والجارية]
ومما حكي عن الأصمعي في نوادره، قال: سهرت ليلة عند الرشيد في الرقة، فقال لي: من معك يا عبد الله يؤنسك؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، ما لي أنيس غير الوحدة.
فأمسك وأقبل في حديثه ما شاء الله، ثم نهض ونهض من بحضرته فلما صرت إلى منزلي، وإذا بخادم الأمير يقرع الباب فخرجت، فإذا ضوء شمع وضجة وغوغاء ومعهم جارية فلما رآني الخادم دنا مني وقبل يدي وقال لي: يقول لك أمير المؤمنين قد أمرنا لك بمن يؤنسك، وهي جارية من خواصه وشيء من المال. فشكرت أمير المؤمنين ودعوت له وتقدم الخادم بإدخال الجارية ومعها من الآلات والخدم والجواري والفرش ما لم أر مثله إلا عند أمير المؤمنين، ثم ودعني الخادم وانصرف. فلما نظرت إلى الجارية رأيتها أحسن الناس وجهاً وأكملهم قداً وشكلاً وظرفاً وأكثرهم مجوناً فداخلني لها هيبة وانقباض.
فقالت: ما هذا الحياء البارد السمج الذي لا وجه له؟ أين ملحك ونوادرك؟ ثم قالت لجارية من الجواري: هات ما عندك، فجاءت بأحسن ما يكون من ألوان الطعام فأكلنا وهي مع ذلك تباسطني وتؤانسني بالحديث والملاعبة، ثم دعت بالشراب فشربت وسقتني، ثم قالت: ما بقي بعد الأكل والشرب إلا النوم والخلوة. فقامت ولبست من الثياب ما أرادت وألبستني ثياباً فاخرة مبيضة وتفرق من كان عندنا، ثم اضطجعت إلى جانبي، فلما جمعنا الفراش أصابني من الحصر وانقطاع الانعاظ ورخاوة الأير ما لم أكن أعهده قبل ذلك فجعلت تقلبه بيدها وتغمزه فلا يزداد إلا إنكماشاً وموتاً فلما أعيتها