للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فانتهى إلى الرشيد خبرها ولم يكن رآه قبل فدعا به فلما حضر بين يديه، قال: من أنت؟ قال: مولى لكلب.

فضحك منه ثم قال: كيف بصرك بالحكم؟ فقال: يا أمير المؤمنين، البهائم عندي والناس سواء، ولو وجب حد على بهيمة، وكانت أمي أو أختي لحديتها ولم تأخذني في الله لومة لائم. فأمر الرشيد أن لا يستعان به على عمل فلم يزل معطلاً إلى أن مات، والله أعلم.

؟

[الرشيد يأمر بقتل أبي نواس]

ويحكى أن هارون الرشيد أمر بقتل أبي نواس فقال: أتقتلني شهوةً لقتلي؟ فقال: لا، بل أنت مستحق للقتل.

قال: فيم استحقيت القتل؟ قال: بقولك:

ألا فاسقني خمراً وقل لي هي الخمر ... ولا تسقني سراً إذا أمكن الجهر

فقال: يا أمير المؤمنين، أفتعلم أنه سقاني وشربت؟ فقال له أمير المؤمنين: أظن ذلك.

فقال: يا أمير المؤمنين، أفتقتلني على الظن، وقد قال الله تعالى: " إن بعض الظن إثم ".

فقال له الرشيد: قد قلت ما تستحق به القتل.

فقال: ما هو؟ فقال له: قولك:

ما جاءنا أحدٌ يخبر أنه ... في جنةٍ من ماتَ أو في نار

فقال له: يا أمير المؤمنين! هل جاءنا أحدٌ؟ قال: لا.

قال: أتقتلني على الصدق؟ فقال له الرشيد: أولست القائل:

يا أحمدُ المرتجى في كل نائبة ... قم سيدي نعص جبار السموات

فقال له: يا أمير المؤمنين! أوصار القول فعلاً؟ قال: لا أعلم.

قال: أفتقتلني على ما لم تعلم.

<<  <   >  >>