للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خلافة هشام بن عبد الملك بن مروان

الوليد بن هشام ويونس الكاتب والجارية

قال أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني: قال يونس الكاتب: خرجت إلى الشام في خلافة هشام بن عبد الملك ومعي جارية غانية وكنت علمتها جميع ما تحتاج إليه، وأنا أقدر فيها أنها تساوي مائة ألف درهم.

قال: فلما قربنا من الشام نزلت القافلة على غدير من الماء ونزلت ناحية منه، وأصبت من طعام كان معي وأخرجت ركوة كان فيها نبيذ. فبينما أنا كذلك، وإذا بفتى حسن الوجه والهيئة على فرس أشقر ومعه خادمان فسلم علي وقال: أتقبل ضيفاً؟ قلت: نعم.

فأخذت بركابه ونزل وقال: اسقنا من شرابك فسقيته، فقال: إن شئت أن تغني صوتاً فغنيته:

حازت من الحسن ما لا حازه البشر ... فلذ لي في هواها الدمع والسهر

فطرب طرباً شديداً واستعاده مراراً ثم قال: قل لجاريتك فلتغن، فأمرتها فغنت:

حورية حار قلبي في محاسنها ... فلا قضيب ولا شمس ولا قمر

فطرب طرباً شديداً واستعاده مراراً. ولم يزل مقيماً إلى أن صلينا العشاء، ثم قال: ما أقدمك علينا في هذا البلد.؟ قلت: أردت بيع جاريتي هذه.

قال: فكم أملت فيها من الثمن؟ قلت: ما أقضي به ديني وأصلح به حالي.

قال: ثلاثون ألفاً.

قلت: ما أحوجني إلى فضل الله والمزيد فيه.

قال: أيقنعك أربعون ألفاً؟ قلت: فيها قضاء ديني وأبقى صفر اليد.

قال: قد أخذناها بخمسين ألفاً من الدراهم ولك بعد ذلك كسوة ونفقة طريقك وأشركك في حالي أبداً ما بقيت.

فقلت: قد بعتكها.

قال: أفتثق بي أن أوصل ذلك غداً وأحملها معي، أو تكون عندك إلى أن أحمل ذلك إليك غداً؟ فحملني السكر والحياء مع الخشية منه على أن قلت: نعم قد وثقت بك، فخذها بارك الله لك فيها.

<<  <   >  >>