وعلانية القول كالسر في علمك، وانقاد كل شيء لعظمتك، وخضع كل ذي سلطان لسلطانك، وصار أمر الدنيا والآخرة كله بيدك، اجعل لي من كل هم وغم أصبحت أو أميت فيه فرجاً ومخرجاً. اللهم، إن عفوك عن ذنوبي وتجاوزك عن خطيئتي وسترك على قبيح عملي أطمعني أن أسألك ما لا أستوجبه مما قصرت فيه، أدعوك آمناً وأسألك مستأنساً، فإنك أنتن المحسن إلي وأنا المسيء إلى نفسي فيما بيني وبينك، تتودد إلي بالنعم وأتبغض إليك بالمعاصي، ولكن الثقة بك حملتني على الجراءة عليك، فجد بفضلك وإحسانك علي، إنك أنت الرؤوف الرحيم.
[القاضي ابن أبي ليلى والمنصور]
وحدث عبد الله البلتاجي، قال: دخل ابن أبي ليلى على أبي جعفر المنصور، وكان ابن أبي ليلى قاضياً فقال أبو جعفر: إن القاضي يرد عليه. من ظرائف الناس ونوادرهم أمور، فإن كان ورد عليك شيء فحدثنيه، فقد طال علي يومي.
قال: والله يا أمير المؤمنين، قد ورد علي منذ ثلاثة أيام أمر ما ورد علي مثله. أتتني عجوز تكاد تنال الأرض بوجهها أو تسقط من انحنائها فقالت: أنا بالله وبالقاضي أن يأخذ لي بحقي وأن يعينني على خصمي.
قلت: ومن خصمك؟ قالت: إبنة أخ لي.
فدعوت بها فجاءت امرأة ضخمة ممتلئة شحماً فجلست منبهرة. فذهبت العجوز تتظلم، فقالت الشابة: أصلح الله القاضي، مرها فلتسكت حتى أتكلم بحجتي وحجتها فإن لحنت بشيء فلترد علي، فإن أذنت لي أسفرت.
فقالت العجوز: إن أسفرت قضيت لها.
فقلت لها: أسفري، فأسفرت عن وجه والله ما ظننت أنه يكون مثله إلا في الجنة. فقالت: أصلح الله القاضي، هذه عمتي مات والدي وتركني يتيمة في حجرها فربتني فأحسنت التربية، حتى إذا بلغت مبلغ النساء قالت لي: يا بنت أخي، هل لك في التزويج؟ قلت: ما أكره ذلك يا عمة.