[المأمون ومدعي النبوة]
ويحكى أنه تنبأ رجل في أيام المأمون، فقل ليحيى بن أكثم القاضي: يا يحيى امض بنا مستترين حتى ننظر إلى هذا المتنبي وإلى دعواه.
فركبا في الليل مستترين ومعهما خادم حتى صارا إلى بابه وكان مستراً بثوبه، فاستأذنا عليه فخرج إليهما، فقال: من أنتما؟ فقالا: رجلان يريدان أن يسلما على يديك.
قال: ادخلا. فدخلا وجلس المأمون عن يمينه، يحيى عن يساره، فقال المأمون: إلى من بعثت؟ قال: إلى الناس كافة.
قال: أفيوحى إليك، أم ترى في المنام، أم ينفث في قلبك؟ قال: بل أناجي وأكلم قال: ومن يأتيك؟ قال: جبريل.
قال: فمتى كان عندك؟ قال: الساعة قبل أن تأتياني بساعة.
قال: فما أوحى إليك؟ قال: أوحى إلي أنه سيدخل عليك رجلان فيجلس أحدهما عن يمينك، والآخر عن يسارك، والذي يجلس عن يسارك ألوط خلق الله تعالى.
فقال له المأمون: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وكان يحيى يعزى إلى ما قاله عنه المتنبي.
[أبو نواس والغلام الجميل والقاضي]
دخل أبو نواس على القاضي يحيى بن أكثم ودخل معه غلام جميل الوجه. فقال الغلام: هذا مر علي وقبلني كرهاً.
ففتن به القاضي، فأنشد يقول:
إذا كنت للتخميش والبوس كارهاً ... فلا تدخل الأسواق إلا منقبا
ولا تظهر الأصداغ منم تحت طرةٍ ... وتشهر منها فوق خديك عقربا
فلما سمع الغلام، أنشأ يقول:
لقد كنت أرجو أن أرى العدل بيننا ... فأعقبني بعد الرجاء قنوط
متى تصلح الدنيا ويصلح أهلها ... إذا كان قاضي المسلمين يلوط