للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المأمون ومدعي النبوة]

ويحكى أنه تنبأ رجل في أيام المأمون، فقل ليحيى بن أكثم القاضي: يا يحيى امض بنا مستترين حتى ننظر إلى هذا المتنبي وإلى دعواه.

فركبا في الليل مستترين ومعهما خادم حتى صارا إلى بابه وكان مستراً بثوبه، فاستأذنا عليه فخرج إليهما، فقال: من أنتما؟ فقالا: رجلان يريدان أن يسلما على يديك.

قال: ادخلا. فدخلا وجلس المأمون عن يمينه، يحيى عن يساره، فقال المأمون: إلى من بعثت؟ قال: إلى الناس كافة.

قال: أفيوحى إليك، أم ترى في المنام، أم ينفث في قلبك؟ قال: بل أناجي وأكلم قال: ومن يأتيك؟ قال: جبريل.

قال: فمتى كان عندك؟ قال: الساعة قبل أن تأتياني بساعة.

قال: فما أوحى إليك؟ قال: أوحى إلي أنه سيدخل عليك رجلان فيجلس أحدهما عن يمينك، والآخر عن يسارك، والذي يجلس عن يسارك ألوط خلق الله تعالى.

فقال له المأمون: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وكان يحيى يعزى إلى ما قاله عنه المتنبي.

[أبو نواس والغلام الجميل والقاضي]

دخل أبو نواس على القاضي يحيى بن أكثم ودخل معه غلام جميل الوجه. فقال الغلام: هذا مر علي وقبلني كرهاً.

ففتن به القاضي، فأنشد يقول:

إذا كنت للتخميش والبوس كارهاً ... فلا تدخل الأسواق إلا منقبا

ولا تظهر الأصداغ منم تحت طرةٍ ... وتشهر منها فوق خديك عقربا

فلما سمع الغلام، أنشأ يقول:

لقد كنت أرجو أن أرى العدل بيننا ... فأعقبني بعد الرجاء قنوط

متى تصلح الدنيا ويصلح أهلها ... إذا كان قاضي المسلمين يلوط

<<  <   >  >>