[الرشيد وجارية الخيزران]
وذكر الخطيب في بعض مصنفاته أن الرشيد دخل يوماً قبل وقت الظهر، في مقصورة جارية تسمى الخيزران على غفلة منها، فوجدها تغتسل، فلما رأته تجللت بشعرها حتى لم ير من جسدها شيئاً، فأعجبه ذلك الفعل واستحسنه، ثم عاد إلى مجلسه وقال: من بالباب من الشعراء؟ قالوا له: أبو نواس وبشار.
فقال: ليحضرا جميعاً.
فأحضرا، فقال الرشيد ليقل كل منكما أبياتاً توافق ما في نفسي، فأنشأ بشار يقول:
تحببتكم والقلب صار إليكمو ... بنفسي ذاك المنزل المتحبب
إذا ذكروا الهجران لا عن ملالةٍ ... وذكراهم، ينمي إلي محبب
وقالوا تجنبنا، ولا قرب بيننا ... فكيف وأنتم حاجتي تتجنبوا
على أنهم أحلى من الشهد عندنا ... وأعذب من ماء الحياة وأطيب
فقال: أحسنت، ولكن ما أصبت ما في نفسي، فقل أنت يا أبا نواس، فجعل يقول:
نضت عنها القميص لصب ماء ... فورد خدها فرط الحياء
وقابلت الهواء، وقد تعرت ... بمعتدلٍ أرق من الهواء
ومدت راحة، كالماء منها ... إلى ماء معد في إناء
فلما أن قضت وطراً وهمت ... على عجل إلى أخذ الرداء
رأت شخص الرقيب على التداني ... فأسبلت الظلام على الضياء
فغاب الصبح منها تحت ليلٍ ... وظل الماء يقطر فوق ماء
فسبحان الإله وقد براها ... كأحسن ما يكون من النساء
فقال الرشيد: سيفاً ونطعاً.
فقال له: ولم يا أمير المؤمنين؟ قال: أمعنا كنت؟ قال: لا والله ولكن شيء خطر ببالي.
فأمر له بأربعة آلاف درهم وصرفه.
؟