وما راعنا إلا السلام وقولها ... أيدخل محبوب على الباب واقف
قال: فنظرت إلي الجارية شزراً، وقالت: سر بيني وبينك ما وسعه صدرك ساعة وأودعته لهذا الرجل.
فحلفت لها ثم اعتذرت إليها وأخذت أقبل يديها وأدغدغ ثدييها وأعض خديها حتى ضحكت، ثم التفتت إلى الأعمى وقالت: عن يا سيدي فأخذ العود، وغنى هذه الأبيات:
ألا ربما زرت الملاح، وربما ... لمست بكفي البنان المخضبا
ودغدغت رمان الصدور ولم أزل ... أعضض تفاح الخدود المكببا
فقلت لها: يا سيدتي، فمن أعلمه بما نحن فيه؟ قالت: صدقت.
ثم تجنبناه فقال: إني لحاقن.
فقلت: يا غلام، خذ الشمعة وامض بين يديه.
فخرج وأبطأ فخرجنا في طلبه فلم نجده، وإذا الأبواب مغلقة والمفاتيح في الخزانة فلا ندري أفي السماء صعد أو في الأرض هبط ثم علمت أنه إبليس، وأنه قاد لي. ثم انصرف. فتذكرت قول أبي نواس حيث قال:
عجبت من إبليس في كبره ... وخبث ما أضمر في نيته
تاه على آدم في سجدة ... وصار قواداً لذريته
[إبليس يزور أبا نواس]
نظير ذلك مما يستظرف لأبي نواس، ما حكي عنه أنه قال: ضجرت من ملازمة أمير المؤمنين هارون الرشيد حتى إني لم أجد فراغاً إلى نفسي، فتوجه أمير المؤمنين إلى الصرح ليبيت فيه ثم يعود. فوجدت لروحي فرصة فدخلت داري وأغلقت بابي وأحضرت شراباً وطلبت نفسي الحلوة، فعند المساء، وإذا بالباب يطرق، فخرجت وإذا أنا بظبي من أولاد الأتراك ما رأت عيني أحسن منه منظراً، فسلم عيل وقال لي: أتقبل ضيفاً؟ قلت: يا سيدي ومن لي بذلك؟ فدخل بيتي فحار عقلي عند دخوله ثم أخرج من تحت ثيابه