ويحكى أن أمير المؤمنين هارون الرشيد أرق ذات ليلة فقام يتمشى في قصره بين المقاصير، فرأى جارية من جواريه نائمة فأعجبته، فداس على رجليها فانتبهت فرأت أمير المؤمنين، فاستحيت منه وقالت: يا أمين الله ما هذا الخبر.
فأجابها بقوله:
قلت: ضيف طارق في أرضكم ... هل تضيفوه إلى وقت السحر
فأجابته تقول:
بسرور وهناء سيدي ... أخدم الضيف بسمعي والبصر
فبات عندها إلى الصباح، فسأل أمير المؤمنين من بالباب من الشعراء؟ قيل له: أبو نواس. فمر به فدخل عليه. فقال: هات علي يا أمين الله ما هذا الخبر، فأنشأ يقول:
طال ليلي حين وافاني السهر ... فتفكرت فأحسنت الفكر
قمت أمشي في المجالي ساعة ... ثم أجري في مقاصير الحجر
فإذا وجه جميل مشرقٌ ... زانه الرحمن من بين البشر
فلمست الرجل منها موطئاً ... فدنت مني ومدت للبصر
وأشارت لي بقول مفصحٍ ... يا أمين الله ما هذا الخبر؟
قلت: ضيف طارق في أرضكم ... هل تضيفوه إلى وقت السحر