فأمسك عن قتله وقال: لعله من شجعان العرب. فلما أصبح رفع أمرهم إلى الحجاج فأحضرهم وكشف عن حالهم، فإذا الأول ابن حجام، والثاني ابن فوال، والثالث ابن حائك. فتعجب الحجاج من فصاحتهم وقال لجلسائه: علموا أولادكم الأدب، فوالله لولا الفصاحة لضربت أعناقهم، ثم أطلقهم وأنشد:
كن ابن من شئت واكتسب أدباً ... يغنيك محموده عن النسب
ن الفتى من يقول: ها أنا ذا! ... ليس الفتى من يقول: كان أبي
[الحجاج والأسرى]
وقيل: أمر الحجاج بقتل أسرى. فقتل منهم جماعة، فقال رجل منهم وقد عرض للقتل: يا حجاج. إن كنا أسأنا في الذنب فما أحسنت في العفو، والله تعالى يقول:" فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء ". فهذا قول الله تعالى في الكفار فكيف بالمسلمين. وقد قال الشاعر:
وما نقتل الأسرى ولكن نفكهم ... إذا أثقل الأعناق حمل المغارم
فقال الحجاج: أف لهؤلاء الجيف والله لو قال هؤلاء مثل ما قال هذا الرجل ما قتلت منهم أحداً ولكن أطلقوا بقيتهم.