للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الحجاج والأعرابي]

وحكي أن الحجاج انفرد يوماً من عسكره فلقي أعرابياً فقال له: يا وجه العرب، كيف الحجاج؟ فقال: ظالم غاشم. قال: هلا شكوته إلى عبد الملك بن مروان؟ قال: أظلم وأغشم عليهما لعنة الله.

فبينما هو كذلك إذ تلاحقت به عساكره فعلم الأعرابي أنه الحجاج فقال الأعرابي: أيها الأمير السر الذي بيني وبينك لا يطلع عليه أحد إلا الله.

فتبسم الحجاج وأحسن إليه وانصرف.

[الحجاج والفتى المحدث]

وذكر أهل التواريخ أن الحجاج بن يوسف الثقفي سهر ليلة وعنده جماعة منهم خالد بن عرفطة فقال: يا خالد ائتني بمحدث من المسجد. والناس إذ ذاك يطلبون المقام في المسجد. فانتهى إلى شاب قائم يصلي فجلس حتى سلم ثم قال: أجب الأمير.

فقال: أبعثك الأمير إلي قاصداً.

قال: نعم فمضى معه حتى انتهى إلى الباب فقال له خالد: كيف أنت ومحادثة الأمير.

قال: سيجدني كما يحب إن شاء الله تعالى.

فلما دخل عليه قال له الحجاج: هل قرأت القرآن؟ قال: نعم وقد حفظته.

قال: فهل تروي شيئاً من الشعر.

قال: وما من شاعر إلا وأروي عنه؟ قال: فهل تعرف من أنساب العرب ووقائعها؟ قال: لا يذهب عني شيء من ذلك.

فلم يزل يحدثه بكل ما أحب حتى إذا هم بالانصراف، قال: يا خالد، مر للفتى ببرذون وغلام ووصيفة وأربعة آلاف درهم.

فقال الفتى: أصلح الله الأمير بقي من حديثي أظرفه وأعجبه فأعاده الحجاج إلى مجلسه وقال: حدثني.

فقال: أصلح الله الأمير هلك والدي وأنا طفل صغير فنشأت في حجر عمي وله ابنة بسني، وكان في التصابي من الصبا وما كنا فيه أعجوبة، حتى إذا بلغت وبلغت تنافس

<<  <   >  >>