قيل إن الخليفة هارون الرشيد قلق ليلة، فاستدعى بوزيره جعفر البرمكي، فلما حضر عنده قال له: يا جعفر، غني قلقت وضاق صدري وأريد منك شيئاً يشرح خاطري.
فقال له جعفر: يا أمير المؤمنين، إن لي صديقاً اسمه علي العجمي، وعنده من جميع الحكايات والأخبار.
فقال: علي به.
فقال: سمعاً وطاعةً.
ثم إن جعفراً خرج من عند الخليفة في طلب علي العجمي، فأرسل خلفه فلما حضر قال: أجب أمير المؤمنين.
قال: سمعاً وطاعة.
فأتى الخليفة فسلم وترحم، فقال له: اجلس فجلس، فقال له الخليفة: اسمع يا علي، إنني الليلة ضيق الصدر، وسمعت عنك أن في ذهنك حكاياتٍ وأخباراً وأريد منك أن تسمعني ما يزل همي وفكري.
فقال: يا أمير المؤمنين، تريد أن أحكي لك شيئاً سمعته أو رأيته؟ فقال: إن كنت رأيت شيئاً فاحكه.
فقال: سمعاً وطاعةً؟! اعلم يا أمير المؤمنين أني سافرت في بعض السنين من بلدي إلى هذه المدينة، وهي بغداد، وصحبني غلام ظريف ومعه جراب نظيف، فأودعني إياه. فبينا أنا أبيع وأشتري، وإذا أنا برجل كردي ظالم معتد هجم علي وأخذ الجراب مني وقال: هذا الجراب جرابي، وكل ما فيه قماشي وثيابي.
فقلت: يا معشر الناس قد اعتراني الوسواس.
فقال الناس جميعاً: امضوا إلى القاضي، وكل بحكمه راضي.
فدخلنا عليه، وتمثلنا بين يديه، فقال القاضي: في أي شيء جئتما؟ فقال الكردي: نحن خصمان.
قال: أيكما المدعي؟ فتقدم الكردي، وقال: أيد الله مولانا القاضي! هذا الجراب