للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمن بعد أحكام التجارب ينبغي ... لدي سقوط العير في غابة الأسد

ولا أنا ممن يغلب الحب عقله ... ولا جاهل ما يدعيه أولو الحسد

فإن كنت روحي قد وهبتك طائعاً ... وكيف يرد الروح إن فارق الجسد

فلما وقف الناصر على الجواب تعجب من فطنته، ولم يعد إلى سماع واشٍ فيه بعد ذلك، ثم قال له: كيف خلصت من الشرك؟ قال: لأن عقلي بالهوى غير مشترك.

[سبب قتل البرامكة وما وقع لهم مع الرشيد]

والقصة في ذلك على ما رواه إبراهيم بن إسحاق عن أبي ثور زاهر بن صقلاب قال: بلغني أنه كان لهارون الرشيد مجلس بالليل مع جعفر البرمكي. فقال له يوماً: لا يطيب لي ذلك إلا بمحضر أختي ميمونة. ولكن لا يجوز إلا إن كتبت لك عليها لإباحة النظر من غير أن تقربها.

فاتفقا على ذلك وعقد له عليها ثم أحضرها فكانت تحضر لذلك المجلس إلا أنه زاد غرامها وعشقها فيه، وكان لجعفر البرمكي امرأة تزين له الجواري كل ليلة، فجاءت ميمونة إليها ورشتها بمال فزينتها له، وأدخلتها عليه، فظن أنها جارية فواقعها. فلما أصبحوا قالت له: أنا ميمونة، وقد كنت أسألك أن تساعدني على مودتك فتأبى. فلما أيست منك احتلت عليك بما رأيت في هذه الليلة، وإن لم تواظب لأكونن سبباً في سلب نعمتك، وهل أنت إلا زوجي؟ فقال لها جعفر: ويحك أهلكتني وأهلكت نفسك.

وكان كما قال، ولم يزرها حتى ظهر أمرها للرشيد، فهذا كان سبب قتل البرامكة وهذا ابتداء الحديث.

قال المبرد: قال أبو عبد الله المارستاني عن يحيى بن أكثم القاضي، قال: سألت إسماعيل بن يحيى الهاشمي عن سبب زوال نعمة البرامكة.

قال: نعم أعرف صحة الخبر وباطن القصة: كان سبب ذلك أني كنت مع الرشيد يوماً من الأيام راكباً إلى الصيد، فبينما نحن نسير إذ نظر إلى موكب بالعبد اعترضنا، فقال لي: يا إسماعيل لمن هذا؟ فقلت: هو لأخيك جعفر بن يحيى.

فالتفت يميناً وشمالاً إلى من معه في موكبه، فإذا هو شرذمة يسيرة، ثم نظر إلى الموكب الذي فيه جعفر فلم يره. فقال: يا إسماعيل ما فعل جعفر وموكبه؟ فقلت: يا سيدي قد

<<  <   >  >>