للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فضحك يحيى وضرب بقلنسوته الأرض، وعد خلفهن، فأخذ منهن خمسة فقالت حمنة: يا يحيى لك الخمسة ولا غيرة لي عليك، وإنما أغار على المأمون لحاجتي إليه.

فقال يحيى: والله يا أمير المؤمنين، لقد رأيت الهوى الغالب في حماليق عينيها، ولا تتم لنا النعمة إلا بتزويجك إياها إن رأيت ذلك.

فقال المأمون: أنا بريء من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومنتف من جدي العباس إن ذهبت من البستان ولم أتزوجها، ثم قال: يا يحيى اخطب خطبة النكاح.

فخطب يحيى وأمهرها المأمون ألف ألف دينار، وأقطعها مائة من منتخبات الضياع، فحمدت حمنة الله سروراً بما ظفرت من تزويج المأمون إياها، وأمرت ليحيى بعشرة آلاف دينار، ورجع المأمون إلى منزله وزفت إليه في تلك الليلة، فواقعها فحملت بالعباس ابنه، انتهى.

[حيل الجواري]

حكي أن المأمون كان مشغوفاً بحب جارية يقال لها نسيم، وكانت ذات عقل وأدب وفضل وكمال، وكان لا يفارقها في الحضر ولا في السفر، ثم بعد ذلك مال إلى جارية أخرى أحسن منها، وأعرض عنها، فاغتمت ولم تجد حيلة في استعطافه، وكانت لها جارية رومية أحسن منها في العقل والأدب، وكتمت أمرها عن المأمون، فاتفق أن المأمون حصل له بعض ضعف، ففصد، فحصل له الشفاء، فجعل الناس يدخلون إليه بأصناف التحف والهدايا، فأهدت إليه نسيم الجارية المذكورة، ومعها جام بلور، وغطته بمنديل ديبقي مكتوب عليه بالذهب هذه الأبيات:

فصدت عرقاً تبتغي صحةً ... ألبسك الله به العافية

فاشرب بهذا الجام يا سيدي ... مستمتعاً بهذه الجارية

واجعل لمن أهداكها زورةً ... تحظى بها في الليلة الثانية

فأعجب المأمون ما رأى من الجام والجارية، ثم بعث لها يقول: نعم، وفي هذه الليلة، ثم رضي على نسيم وواصلها بعد ذلك.

<<  <   >  >>