للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خلاقة المهدي

الرؤيا الصالحة

اسمه محمد بن المنصور، حدثنا داود بن رشيد، قال: قلت للهيثم بن علي بأي شيء استحق سعيد بن عبد الرحمن أن ولاه المهدي القضاء وأنزله منه تلك المنزلة الرفيعة؟ فقال: إن خبره باتصاله بالمهدي ظريف، فإن أحببت شرحته لك. قلت والله قد أحببت.

قال: اعلم أنه وافى الربيع الحاجب حين أفضت الخلافة إلى المهدي وقال له: استأذن لي على أمير المؤمنين، فقال له: من أنت وما حاجتك؟ قال: أنا رجل قد رأيت لأمير المؤمنين أعزه الله رؤيا صالحة، وقد أحببت أن تذكرني له، فقال الربيع: يا هذا، إن القوم لا يصدقون فيما يرونه لأنفسهم فكيف بما يراه لهم غيرهم، فاحتل بحيلة غير هذه، فقال: إن لم تخبره بمكاني سألت من يوصلني إليه وأخبره ني سألتك الإذن لي عليه فلم تفعل؟ فدخل الربيع على المهدي، فقال له: يا أمير المؤمنين، إنكم قد أطمعتم الناس في أنفسكم فقد احتالوا عليكم بكل ضرب.

فقال له المهدي: هكذا تصنع الملوك فماذا؟ قال: رجل بالباب يزعم أنه رأى لأمير المؤمنين أيده الله رؤيا حسنة، وقد أحب أن يقصها عليك.

فقال المهدي: يا ربيع، إني والله أرى الرؤيا لنفسي فلا تصح لي فكيف يمكن ادعاؤها ممن لعله قد افتعلها؟ قال: والله قلت له مثل هذا فلم يقبل.

قال: هات الرجل.

قال: فأدخل عليه سعيد وكان له رؤية وجمال ومروة ظاهرة ولحية عظيمة ولسان طلق، فقال له: ما رأيت بار الله فيك؟ قال: رأيت يا أمير المؤمنين آتياً أتاني في منامي فقال: أخبر أمير المؤمنين أنه يعيش ثلاثين سنة في الخلافة، وآية ذلك أنه يرى في ليلته الآتية في منامه كأنه يقلب يواقيت ثم يعدها فيجد ثلاثين ياقوتة كأنها قد وهبت له.

فقال المهدي: ما أحسن ما رأيت، ونحن نمتحن رؤياك في ليلتنا المقبلة على ما أخبرتنا: فإن كان الأمر على ما ذكرت أعطيناك فوق ما تريد، وإن كان الأمر بخلاف ذلك لم نعاقبك لعلمنا أن الرؤيا الصالحة ربما صدقت وربما اختلفت.

قال: يا أمير المؤمنين، فما أصنع أنا الساعة إذا صرت إلى منزلي وعيالي وأخبرتهم أني كنت عند أمير المؤمنين أكرمه الله، ثم رجعت صفر اليد؟ فقال له المهدي: فكيف نعمل؟ فقال: يعجل لي أمير المؤمنين أعزه الله تعالى ما أحب وما أحلف له بالطلاق إني قد صدقت.

<<  <   >  >>